17‏/09‏/2009

شهادة / علي الشلاه


(دابادا) وحكاية الكتاب الأول


علي الشلاه

على الرغم من أن رواية دابادا للقاص حسن مطلك من الروايات القليلة التي لم يختلف اثنان ـ ممن قرأوها ـ على نضجها إلا أنها تظهر مدى المعاناة التي يواجهها المبدعون ـ ولا سيما الشباب منهم ـ في إخراج أصواتهم إلى حيز السماع، خاصة إذا كانت تلك الأصوات تحاول رسم طريقها المتفرد خارج السرب الذي لم يعتد الطيران بعد.
لقد قرأ مخطوطة هذه الرواية جل خبراء دور النشر عندنا وخرجوا جميعاً برأي واحد ومؤداه: أن هذه الرواية تمتلك سمات خاصة وتنبيء بمواهب متميزة بين قصاصينا الشباب وأن مبدعها قد ولج الإبداع من بوابته الصعبة التي يعاني فيها ثبات السائد من جموح الجديد... ومع الثناء كله إلا أن أحداً لم يجرؤ على التوصية بطبعها بل بقيت تقبع شهوراً عند الخبراء فحسب، واعتذر الأساتذة بأن الرواية صعبة على القاريء ولا يستطيع الاستمرار بقراءتها إلا بشق الأنفس، وهكذا اضطر المؤلف إلى الالتجاء لطبعها في بيروت متحملاً جزءاً كبيراً من تبعات الطبع... إن حكاية (دابادا) الطباعية تتكرر باستمرار مع الأدباء الشباب الذين تقود الجرأة خطاهم إلى طباعة رواية أو مجموعة شعرية أو قصصية أو أي كتاب فكري ومعرفي آخر، فمازال الكثيرون من مثقفينا يحبون المعيشة الثقافية المستقرة البعيدة عن الأفكار الجديدة والأصوات الجديدة لأن كثرة الفرسان ـ حسب رأيهم ـ يفقد الحلبة رونقها البهي، متجاهلين أن الزمن يمضي وأن المستقبل للكتابات الجديدة والأدباء الجدد.
إن كل الأدباء المعروفين يستطيعون طباعة كتبهم في دور النشر الخاصة معتمدين على مكانة أسمائهم ومصداقيتها الإبداعية، وحبذا لو انتبهت دور النشر إلى هذه الحقيقة وأولت الجانب الأساس من اهتماماتها لكتب الشباب التي يملك توجس الخسارة وخوضها طريق كل من يحاول طبعها من دور النشر الخاصة التي يحكمها ميزان الربح والخسارة.
----------------------------------------------
* نشر هذا المقال في جريدة (القادسية) العدد2656 بتاريخ 20/9/1988م بغداد.
**وفي مجلة (ألواح) العدد 11 سنة 2001م مدريد.

ليست هناك تعليقات: