28‏/09‏/2009

شهادة / أكرم الياس بكر


الجانب الكاريكاتيري في شخصية (نسح كلطم ناظور)

صورة: حسن مطلك وأكرم الياس


أكرم الياس بكر

كان حسن مطلك رساماً كاريكاتيرياً. ويدعو نفسه باسم آخر مضحك هو (نسح كلطم ناظور) وهو كناية، وقراءة مقلوبة، عن اسمه (حسن مطلك روضان) ويوقع به على لوحاته الكاريكاتيرية التي يرسمها معي في معارض الجامعة.. تلك الرسوم التي أبكت الطلبة أكثر مما أضحكتهم في ذلك الزمن الغابر. زمن بداية الحروب.
وكان حسن شديد الحساسية تجاه المسألة العشائرية، وهكذا تحول إلى عشيرة أخرى غير عشيرة الجبور التي هو منها، هذا ما صرح لي به ونحن نركب باصاً مزدحماً من باصات نقل الركاب (الحمراء) حيث صرخ بأعلى صوته، وهذا أحد أساليبه المتنوعة في الكلام، بعد أن سألته:
ـ من أي عشيرة أنتَ؟.
قال:ـ أنا من عشيرة الوجودية!!.
وهنا تحول الجبوري المثقف إلى وجودي أكثر ثقافة.
ويوماً من الأيام ارتدى حسن حذاءً كردياً (كيوة) مليء بالمسامير (أم الفِلس) ومشينا كعادتنا من الجامعة إلى دورة السويس وعندما وصلنا إلى تل (كويسنجق) رأيت حسن يبتسم ابتسامات غريبة وهو يقول انظر إلى أسفل قدمي اليمنى فرأيت الدم ينزف لكون المسامير قد فعلت فعلها برجليه لكنه استمر في ابتساماته.. وتساءلت في قرارة نفسي هل أنا أمام ما يسمى الماسوشية؟!.
ومرة أخرى أحببتُ فتاة كان حسن يحبها ضمن قائمة الفتيات اللواتي يحبهن حسن.. وكانت تلك مصيبتي معه، حيث بعدها تم فراقنا.
ويوما من الأيام (عزمته) دعوته في دارنا على كبة موصل وتعجبت أمي (رحمها الله) حيث شاهدته يأكل كبتين كبيرتين بشراهة مخيفة ويطلب بعد أن ابتلعهما المزيد، فقالت كيف يتمكن هذا الشاب النحيل من التهام كل هذه الكمية من الطعام..؟!. ويبدوا أن حسن كان شاطراً في فهم خوالجها فتوجه إلى سيارة (البيكم) التي كانت قد أقلته، وأهدى أمي نصف (كونية) كيس من البطيخ الذي جلبه من قريته سديرة الوسطى لبيعه في الموصل.!.
وأذكر أنني ذهبت إلى قريته ووجدت أن حسن يضع جميع ما يقرأه من كتب في تابوت كبير يتسع (لنفرين) لشخصين، ومعظم كتبه وجودية وقصص لغادة السمان التي كان يعتبرها، آنذاك، أجرأ امرأة بعد (مي….).
وشيء آخر مهم يجب أن أقوله أن (حسنا) كان شخصاً مسالماً جداً.. لذا لا أدري ما الذي غيّره.. فأكاد لا أصدق ما سمعته عنه من اشتراكه في حزب سياسي مناوئ (للسَطلة)عفواً السُلطة.. ثم اشتراكه في محاولة عسكرية لقب نظام الحكم!!.
.. ويبقى حسن مطلك أو (نسح كلطم ناظور) في عقلي وقلبي. وكنت في عسكريتي كلما التقيت جبورياً أسأله عن حسن ولكنهم كانوا يخشون الإجابة ظناً منهم بأنني من رجال الأمن!!.
وكان حسن يطلق علينا أسماءً ضاحكة فيسمي: جاجان (ناج ناج)، أما (فلان) فيسميه (الرجل المُبَقَّع) لكثرة البقع في ملابسه وربما في حياته.. أما فلانة فكان يسميها (الزرافة) لطولها المديد..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*اكرم الياس بكر: صحفي ورسام كاريكاتير عراقي.. من العهد البائد!.
أكرم الياس وحسن مطلك في معرضهما الكاريكاتيري المشترك في نينوى، والصورة الأخيرة في قرية حسن مطلك

ليست هناك تعليقات: