10‏/10‏/2013

رصيف دابادا / فضل خلف جبر

قصيدة
رصيــف دابـــــادا
فضل خلف جبر
من محطة الجبايش الكبرى،
في طريقي إلى الشرقاط،
أرسلت رسالة عاجلة إلى محسن الرملي
قلت له سأصل خلال نصف ساعة
أرجوك كن بانتظاري في محطة حسن مطلك/ رصيف دابادا.
يا الله!
كم تغيرت الأشياء بسرعة مذهلة
أين اختفت تلك الأرض البورما بين الناصرية والشرقاط
من أين أتت كل هذه المتنزهات والحدائق وحقول الذرة وبساتين الفاكهة
كيف انتشرت البنايات الشاهقة في كل مكان مثل العاقول
كم استغرق من وقت قياسي كي يشق العراقيون كل هذه الأنفاق الطويلة
كم استغرقهم كي يشيدوا هذه الجسور المعلقة في الهواء، كالأراجيح
وهذه الوجوه المنعمة!
طلاب يحملون حقائب ظهر في طريقهم إلى ومن الجامعات
صبية ببدلات الرياضة برفقة أبويهم ربما في طريقهم إلى مباراة تنافسية في مدن أخرى
شبان وشابات يقهقهون بأصوات كالموسيقى
رجال متأنقون ونساء متأنقات بملابس محلية الصنع والطابع
ابتسامات بريئة تخبرك دون لبس أن الحياة جميلة!
لا شيء حولك يدعو إلى التذمر على الإطلاق
كل شيء رائع وكامل كأنما فصَله خياط ماهر.
سألت امرأة تجلس إلى جواري: هل أنت جبايشية؟
لا، بعد اختك، فهداوية
ونّعم! فالى أين ذاهبة؟
لزيارة ابنتي التي تدرس الفيزياء الفضائية في جامعة الشرقاط
وما الذي تحملينه في هذه السلة؟
بعد اختك، مصموطة طلبتها بنت أخيك خصيصاً.
وهل المحروسة لا تجيد الطبخ؟
بعد اختك، هي طباخة شاطرة، لكن اليوم راجعة من رحلة ميدانية للمريخ
مؤكد انها اشتاقت لأكل من يد أمها
أي، بعد اختك، اتصلت من المريخ وقالت ستصل بعد ساعتين
تصل بالسلامة ومصموطة العافية!
كانت محطة حسن مطلك غاصة بالمسافرين دخولا وخروجا
اناس بكافة الهيئات والسحنات والأعمار تحدق بشاشة التنقلات الضوئية
الحركة لا تهدأ والضجيج لا ينقطع
والقهقهات تملأ فضاء المحطة
مرت من حولي الكثير من الأحداث والصور
مر أصدقاء ومعارف ومعاقون وأوغاد
مرت غيوم كثيرة ومطر غزير
مرت مدن وأحلام وكوابيس
مر العالم محمولا على عربة نقل المرضى
مررت بي مسمرا في غابة القهقهة
قبل أن أسحبني من ذاكرتي
لأحث الخطى مغادرا رصيف دابادا!.

---------------------------------------
*نشرت في صحيفة (الصباح) العراقية بتاريخ 9/10/2013م