22‏/04‏/2013

اليأس بَدَل القلب / حسن مطلك

نص غير منشور سابقاً
اليأس بديلاً عن كلمة القلب
حسن مطلك
تموز 1988

ثمة ما يُخيف، ليس اكتشاف العلاقة الشِعرية في عالم الصخور، بل منطقة التوتر المريح مقابل أشكال الدرهم بين الناس، تبدل صورة الفجيعة في نشرات الأخبار، انسحاق الإنسان، الانسحاق...
هناك كلمة أخرى: (اللاجدوى) التي لم تعد تخيفني كما أخافت السيد (بيكيت) و(كامو) و(باسكال).. إنها بديهية الوجود، الكلمة الأولى، حجر الزاوية في بناء العالم.. ولكن المباغتة التي أخذت هؤلاء كانت أكبر من التصديق. أحدهم (هيدجر) اكتشف "أننا موجودون لأجل الموت".. فما الفرق بين هذا وبين آخر يكتشف أننا نتنفس. حقاً، ان من أصعب الأمور أن نبرهن بديهية معينة، ولكن، علينا أن نعرف جميعاً أن ثمة أمر يمكن اكتشافه على الدوام: "نحن" الكلية، تعني: أننا، أو (أنني) وجود غير قابل للنفاد، وجود ممتد، ضخم، بلا حدود، وأن مشكلة (الموت) هي مشكلة جزئية بالنسبة للأنا، إنها ليست المشكلة الوحيدة، ولو أنها مشكلة رئيسية، فهناك مشاكل أخرى، مثل: من أنا قبل أن أموت؟.
إنني أنبثق من هذا الحطام الرهيب، والاستعجال بالإجابة هو محاولة لإراحة الوعي الشقي. الخروج من هذا اليأس، إلى يأس ذي قوة.
الصيرورة، واحدة من أهم إنجازات العقل، ولكن الإنجاز لأعظم هو أن نعي تماماً، وبلا خوف، بأننا وصلنا إلى اليأس.
إنني أمتلك شعوراً هائلاً: أن كلمة (يأس) بالنسبة لي، بديل عن كلمة (قلب) التي هي أكثر الكلمات عربية، أكثر الكلمات ضعفاً.. إنها خرق كُمثري في حائط الكينونة. لقد اكتشفت أخيراً أن أكثر الأفكار تجريدية وجفافاً تأتي من الشعور.
هناك الفينمولوجيا، ان فكرة الأنا هي الشعور الحرج بأنني أستطيع مخاطبة العالم، حتى لو تطلب الأمر أن أتصور وعياً آخر يتصور وعيي لأول، وهذا هو (ديكارت) في الكوجيتو.
ملاحظة: إن المؤشر الدقيق على عظمة مفكر ما، هو أنه لا يمكن إدانته إلا بعد أن يموت.
-------------------------
*نشر في صحيفة (العالم) العراقية، العدد 800 بتاريخ 22/4/2013م
 

13‏/04‏/2013

أو كما قال حسن مُطلَك / نص: بلقيس الملحم

نص
أو كما قال حسن مُطلَك!
بلقيس الملحم
كنتُ في نزهة من نفسي اللحوحة بالتشكي، وقد رأفت بي حالا حين اتفقت معي على استراحة من ضجيج العصافير التي احتشدت في شجرة النبق الكبيرة قبيل الغر، فانزويت عنها وعنِّي لصق بحيرة لم يطأها بشر على حد علمي، ولما شربتُ من نبع سقف النجوم، تدحرجت تفاحة ناضجة نحوي، فاستقرت إلى نصفين حادين، ومما أثار دهشتي أن نصفَي التفاحة أخذا في حوار طويل بينهما.. كنت أسمع بعضه، ويخفى علي بعضه الآخر، قد حفظت ما سأرويه لكم بطريق المشافهة عن فلان، عن فلان, عن فلان..... ثنا.. عن حسن مطلك:

غطِّ وجهكَ بالكتاب، وتخيل بأنك تكذب، لا عيب في الكذب، امضغ خبزتك، وقضم ريقك الذي سيُذكِّركَ بها، التفاحة أخرجت آدم من الجنة، وعلى البرتقالة أن تعيده إليها، المخلص آدم قبَّل شفتيها حين وصلا في نقطة واحدة من التفاحة المأكولة، حينها قال لها: سأسعى لكي تكوني نقية أمام نفسك أولا، ثم أمام الناس!! لن تكوني المرأة التي ظن الناس بأنها تنتهي ببقعة الدم على الفراش، وصناديق الزينة الموصودة، وزغاريد العرس الأبدي.. سأذكر جيدا بأني امتطيتُ حصانا بسرج صغير، وبأني ناصفتك الملح، والطاولة، والحبر، والأسئلة، أنا من صرت برأس حزين حين أفقتُ على زواجي المخدوع بصورتك دونك، ولكني إيمانا بك سأضاجع صورتك، وسأركض على الحائط..
------------------------------------
*هامش:
هذا الرجل لا تكفيه السطور!
حسن مطلك أديب وشاعر عراقي، كتب أجمل الروايات التي لن تكرر، فهو منفرد بأسلوبه فيها، كما كتب القصيدة والنثر ومن أهم مؤلفاته: دابادا، قوة الضحك في أورا، كتاب الحب، وديوان شعري: أقنعه أنا وانتِ والبلاد..
وغيرها من الأعمال. أعدمه النظام البائد بتاريخ 18/7/1990م ولم يتجاوز الثلاثين من عمره! .. ثكلتك يا عراق!!
وقد كتبتُ هذا النص بعد قراءتي لأعماله وإعجابي الكبير لما خلفه من تركة أدبية رائعة، فوجدت نفسي أحفظ شيئا مما كنت أقرأه وقد خلطته بما أملاه علي الوحي.. لذا عنونت النص بـ : أو كما قال حسن مطلك!
------------------------------------
*نشرت في مركز (النور) بتاريخ 6/3/2010م.
بلقيس الملحم

حسن مطلك / قصيدة: علاء المحياوي

قصيدة
حسن مُطلك
علاء المحياوي

كان يظنُّ بأنَّ سماءَ عيونهِ

مُهيّأة لمرور طيور من الذهب..

لذا كان صعباً عليهِ تحاشي عيون البشَر

والجزم

بأن جميع العيون بنادق..

كيف يُبارحُ بحراً

ظَفَرتهُ عيون الصبايا لهُ..

موجه الذي أغرق كل مراكبه..

قد تمدُّ رمال الليالي لهُ يدها برضاه

قد يعبرُ النخل على عَجلٍ

من أمام مراياه

لكن حكمته الصادقة

لو كذبت مرة ثم لو كذبت مرة

لو مرة قذفت بمباهج أوهامها خلف ليل بعيد

واختَرَعت أفقاً يتسعُ

لكل حمولة أحلامها..

لكنه كان يجيءُ مراراً ولا ينتبه..

لا ينتبه

لبقايا قامةٍ فتَّتَها أجساد العابرين...

--------------------------------------------
*نشرت في (الحوار المتمدن) بتاريخ 11/4/2013م.