18‏/07‏/2016

من رسائل حسن مطلك

من رسائل حسن مطلك
بعثها إلى أهله بتاريخ 21/12/1983 عندما كان جنديا يؤدي الخدمة العسكرية الإلزامية، أرسلها بيد أحد زملائه الجنود والذي أوصلها بدوره إلى شقيقه محسن:


إلى أمي، وأم أشِقائي
إلى أصدقائي وأخوتي، وصغار البيت المُناقِرين دجاج المعمل.. إلى فضاء قريتي وأماسيها الخرساء. كل ما يذكرني بالحرية والحزن الجميل، ما يذكرني بكتبي وألعابي السحرية بالقلم، بالأبقار على سجادات الروث، بالعشب النابت على السقوف وقرب مرحاضنا.. كل قطعة، وكل ما يتفتت عن تلك القطعة: كبيرة وصغيرة، حتى الغيبة والنميمة في عُرف العجائز وشِيّاب الجامع العتيق واللاعبين بالخِصى والمسبحة.
تلك الفراغات، أو حزمة العدم، أو وزرة الهواء.. كل ما يبدر من بطش تجاه شخصي الرقيق، وما أعانيه من اضطهاد ومحو للإنسان الذي حوّلَته النقلات إلى عوّاء.
كان هنا حلم وتفَتت. كان عنق ينحرف نحو السماء فقُطِع. كان ثمة قلب وروح رقُوص، أصبح كل ذلك ذكرى.. كان ثمة إنسان ثم انتهى..
أعلن لكم عن فجيعة صغيرة غير محزنة.. بل مُفتِّتة.. لقد دَمّرَتني العسكرية، حيث لا راحة بال ولا نفس.. لا حق للعقل ولا حق للجسد ـــ هنا الشتائم... لقد كنتُ أدّعي المعاناة والآن أعيشها.. لا أستطيع أن آتي، لا أريد أن يتهمني أحد ان قلبي عليكم أشد ميلاً من قلبكم عليّ.. خاصة أمي... لم أُمنَح اجازة حتى ليوم واحد.. تدريب حتى في الجمعة، وربما سآتي في الأسبوع القادم إن شاء (السيّد) المُقَدّم.
تحياتي للجميع.. أرجو منك يا صديقي محسن أن تدرس جيداً وتقرأ كثيراً.. قبلاتي لأمي.. وسلام للأخ أحمد.. وكل الأخوات.
حسن مطلك
1983ــ 12ــ21
مشهد بعيد لقرية حسن مطلك (اسديرة)

مرثية إلى حسن مطلك

*أحد أبناء قرية حسن مطلك (اسديرة)، يرثيه بهذه القصيدة الشعبية:


(يالعراقَك جرح ويسيل من دمك)

أريد أسأل ترابك وأدري ما ألكاك
بس كلي المشانق ماإستحت منك
واسديرة بحزن لبست هدوم السود
واشتاكت لصوتك ولضحك سنك
يعنوان الشِعر يا مدرسة كُتاب
ما حسبنه تمشي بليل واتانيك
مو سب وشتم لا والله حيشاك
على وكت اللي يخلي ايدين مسنك
شهر تموز أسود مني باكك ليش
أنا اسديرة المقامي بكد مقام أُمك
أصيح بصوت بس ثكل يجناز
تره ماكو كلب بترابي ادمنك
شوف شصار باهلك يوم صاح بصوت
بالجامع استشهد يا حسن مطلك
أخوتك بالفشك وأمك تهلهل شوف
و ما خلوني الطم واني اشيعنك
رادت يوم موتك يوم عرسك صار
على عناد العواذل واليضدنك
لأن ما ردت ظالم يعتلي بيوم
و ما ردت ورفضت وهذا مو منك
ردت اسديرة تصبح عاصمة آداب
يالعراقك جرح ويسيل من دمك
وعرفتك طبعا ابن شيوخ، تدري شلون
تفوح رياح هيلك من احضنك
إذا خلفت أجيال واني اوصف بيك
ما أكدر أصل لاصغر وصف منك
ما أظن بشر بعدك مثل زودك صار

بس ادعي واكول الله يرحمنك.