17‏/09‏/2009

شهادة / دنيا ميخائيل

حسن مطلك الذي : " أخذوه. . اختفى "

دنيا ميخائيل

قبل أكثر من عشر سنوات، أهدى إليّ حسن مطلك روايته الجميلة والمجدِدة (دابادا) وكانت كلمات الإهداء ـ مازلت أذكر ـ تتعلق بلعبة الشطرنج إذ كنت حينذاك منهمكة في تلك اللعبة إلى حد كبير. لم أكن أعرفه شخصياً عن كثب وإنما كنت أكن له تقديراً خاصاً لأنه كان كاتباً متميزاً ومبدعاً فعلاً.. محنته أنه كان صادقاً في مكان يمجد الكذب.
وأتذكر يوماً أني قد افتقدته فجأة في المشهد الأدبي في العراق، فسألت عنه مجموعة من الزملاء الأدباء الذين كانوا مجتمعين في نشاط ثقافي.. لا أتذكر تفاصيله الآن، فجاء الجواب هامساً من أحدهم:" أخذوه.. اختفى". ففهمت أن صدقه في الكتابة قد وصل إلى حد المغامرة بحياته.. من أجل كلمات في وطن لا يفرق بين حياة إنسان وحياة بعوضة.
عدت، في ذلك اليوم تحديداً، مسرعة إلى البيت لأتأمل كتابه (دابادا) مرات أخرى عديدة، وكان العنوان بدأ يتراءى أمامي عن شكل:" دابادا.. دابادا". ومرة، بعد فترة طويلة، لا أعرف كيف تلفظت باسمه أمام رئيس اتحاد الأدباء آنذاك، إذ كنت أريد أن أقول:" كنت مع خالد مطلك" ـ وخالد مطلك شاعر شاب ـ فقلت بدلاً من ذلك:" كنت مع حسن مطلك". فنظر إليّ مشدوهاً مرتبكاً.. وأردت أن أسأله:" بالمناسبة، هل تعرف شيئاً عن حسن مطلك.. هل سيعود؟ هل هو في السجن أم قتلوه؟".. ولكن اصفرار وجهه تلك اللحظة منعني من السؤال..
كنت أسأل آخرين ليست لديهم مناصب رسمية حتى نصحني أحد الأصدقاء ألا أسأل عنه علناً..
ربما، نحن جميعاً، حاولنا ما حاولنا، في إيصال كلماتنا دونما شوائب.. ربما كنا صادقين أيضاً
( ولو بشكل غير مباشر).. ربما تركنا أوطاننا من أجل حرية الكتابة ولو في المنافي.. ربما حصلنا على مكافآت من منظمات عالمية تشجيعاً لاعتنائنا بحرية الكتابة والتعبير.. ولكن، ليس ذلك سوى هامش بسيط أمام بطولة حسن مطلك وأمثاله.. الذين ماتوا واقفين في مواجهة الزيف والاستبداد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
* نشرت في مجلة (ألواح) العدد 11 سنة 2001م مدريد.
حسن مطلك

ليست هناك تعليقات: