23‏/09‏/2009

إهداء إلى حسن مطلك / أحمد الدوسري

قصيدة

كيفكم ........

ما لون الحنين على أعشاب معاطفكم ؟


أحمد الدوسري


..إلى حـسن مـطلك
الـسنوات الـبيضاء
والـصرخة الـخالدة.


كيفكم ؟!
كيف أحزانكم خارج الثلث الثاني من طفولتنا !؟
كيفكم ؟!
أصدقائي المعاقون بالمنفى
كيف طعم الصداقة في قلبكم ؟
كيفكم !؟
أصدقائي الضالون في وطني
كيف طعم الجوّ بداخلكم !؟
كيف طعم التربة فوق ملابسكم ؟
والسوالف في أهبة التورّد كالسحر
تحت شوارعنا
يوم مثل آخرة السنوات
يوم لا يهم سوى ذئب مفعم بالسلاح الأسود
كيف طعم السنة في شرايينكم !
أصدقائي في الوطن العربي من الانتفاضة
حتى رفحا في ثغرة في قلب الجزيرة العربية
كيف أمرّر قلبي لكم ؟‍
يا لأحزانكم تتسلل كل صباح
إلى قلبي بالمئات
بالآلاف
شعوبا وأيائل
أغلقوا الباب
لا وطن لأحد
لا ظلّ لأحباب
أغلقوا الغاب
اتركوا الموتى
والذين يموتون في الغربة
من أقلّ سراب ‍؟
....... لا أثر لي في النجمة
ارفعوا لي أحلامكم حتى مستوى شهقة
في مصاف الفتنة فلتأتوا
لمغازلة الوحشة
لمغافلة قهوة
أو لاستغفال المسافة
فلتأتوا
فأنا لا أثر لي
خارج سطح البحر
لا أثر لي خارجكم
خارج أشجار سوالفكم
فلتأتوا
ما لون الحنين على أعشاب معاطفكم
ودشاديشكم ؟

في عشيتكم
لا أثر لي في الغيمة
هل أمطرتُ في روحكم ‍؟

كيفكم
تمثال للخطيئة ارفعه كالذريعة في
وجه النجمة
يا نجمة متواصلة الوجد منذ قرون
الفراشة عمري
يا أيها الأصدقاء الفارون من زحمة اليأس والحزن
كيف أحزانكم في هذا الصباح المرتّب
حسب سيوف الهجاء
وحسب سنين الغياب
كيف أحزانكم المتقاتلة الأرجاء ؟

قلبي الفوضوي يمد لكم نقطة الأبجدية
أهّلكم الحزن الآن كي تصغوا لانتفاضته

يا أهلي في الوطن العربي جميعا
صورتكم في الأواكس الأمريكية التي
تُجري مسحا استعماريا لكم
فاستعدوا للقطة الأدهى !
في الطريق إليكم

يا بلادي ذات الألفي ربيع
والخريف الممتد بلا هدنة في قلب الجميع
في استنفار كل الأرض
إلا أنت بلادي
في محلّ قطيع ‍‍‍؟
يا بلاد البعض
صباح المنفى
صباح مثالبكم
وصباح الخنوع الخالد كالأحجار
وصباح مسايرة المستطيع
وصباح الأساطيل
والحزب المستطيل
يا صباح المنبطحين على بطنهم
وعلى ظهرهم
وعلى كل شيء
كل شيء
كل شيء
كل شيء

كيفكم ؟
كيف طعم الشجار الطفولي في أيديكم ؟
كيف مذاق عصافير أسراركم
نكهة ذئب النوح العالي
لأراكم .......يوسوس في عينيّ المدى
كيفكم
فأنا ضدكم
وأنا نقضكم
وأنا عكسكم
وأنا لست طبق الأصل تماما منكم
صورة عنكم في العراء
نيقاتيفكم
نسخة عني طبقوها على البحر
هل ما زلتم بنفس القلب كما كنتم
منذ القرن الأول قبل الهجرة ؟
فأنا لا أطابقكم
إلا بالفراشات أصنع قلبي منها
قلبي طائرة ورقية في سماء المنفى
يا أطفال الزي الموحد والحكمة الضالة
جمّدوني إلى أن يحين التوق الأليم
قلبي البرثنيّ بكامل صرخته
كالجحافل
يندس في ثغرة للغريب الوحشي
والوحشة
سيعود إليكم فذا
يا أنتم
بحذافيره طبّقوا البحر
لا تنسوا الأمهات
فيا حلو الأمهات
ويا غيم الأمهات
ويا مطر الأمهات
ويا طيب الأمهات
ويا حزن الأمهات
افتدوهنّ في قلبي حجرا حجرا
طبّقوهنّ شبرا شبرا على الوطن العربي


مهلا
وعلى عشقكم
لا غبار على حجر البعدِ
لا غبار
على فردوس الكتابة
أو مطر الخُلْدِ
أنتم خزائن رحمة قلبي ......!!

أغرّر بالضوضاء
لتمنحني عزّها الزاكي
طبعها الأخويّ الأخضر
يا أنتم يا كوثر الافتتان بنسياني
ومكان يواقيتي الأولى
أنتم الأحلام المُحْدقة بي
والمرايا المعتّقة في خططي
يا أنتم
أنا مخطوط بريشتكم
وانهمارى على جبل الروح
حلّ خناق المنفى
معكم قلبي أسلم الروح للبغتة والمدى
أجّجتني المسافة والنأي عن
عشرات الكلام المهيمن كالحجر الأزلي
قلبي في الخط الأول من الفجر فلا
تخشوا
اعتليت الخدش وكنت على الماء وحيدا جدا
كالنرجس
أيها الأصدقاء المملون
أيها الفزّاعة في حقل الشرّ
من بنى قلبا ضرارا يكيد به للشمس
فلا تخشوه
واخشوني !
فأما أنا قلّما أترك النسيان على
معطفي هذا الجويّ
آه يا وطني
يا كباريه بحجم الجنازة
تمرّ إلينا من معبر إيريز !!
من مخيم رفحا الجنسيّ
من سجن طلحة
أو رام الله
أو مدريد !!
فمن الغرب شارون
ومن الشرق أحفاد يزيد !!
آه يا وطني المتفتّق عن أوسلو
والمصلوب غير بعيد
من أعيننا الأموية والعباسية والفاطمية والعثمانية التوريد
آه يا وطني المتنكّر في ثوب تاجر أحلام
ومتعهّد حفلات حتى مطلع الغدر
ما الله بظلاّم (للعبيد) !!
يا وطنا منذ ألف سنة وسنة تحت التهديد !!
عنكبوا قرب نبضك منذ عليّ
وأنت تنام بملء سجونك ها
إنهم بالوصيد !
فيلق يتكاثر كالقمّل كالوعيد
منذ أن غدروا بالشورى
جعلوا حلمنا
ملكا عضوضا لهم
يا أنتم
في دمكم آلاف الفراعنة اصطفوا
كالغربان
يا ملك السوء
يا سلطان الخناثة
يا جمهورية الشيطان
ورئيس السحل
و زير النساء
أمير الخصيان
آلاف الفراعنة اكتظوا كالبغايا في دمكم
يا صباح اللئام
أما زلتم في روب النوم !!
منذ الطفّ حتى أوسلو !!
يسعد صباحكم !!
يا صباح الذئاب الخفية والسرية والقواعد والثكنات الروحية
(أيدها المفتي الأعور الدجال !!)
لمصارعة الثيران المجنحة الظلم
يا أصدقاء اليتم
أما زال طعم الوطن
عاريا !
خبّروني إذا حل وطن بالفتى
ماذا يصنعُ ؟
- لا يداري هواه
- لا يسكت عن نأي
قلبه أبدا في صلاه
ساجدا يركع !
ما الذي يمنع ُ
أيها الأصدقاء
ما الذي يمنعُ
يمشي غابرا جدّا في المنفى
ليس بحوزته إلا خطوة تدمعُ !
خبّروني إذا وطن كلّه في الخراب
يتسكّعُ
ماذا يصنعُ ؟!
الذي وحده يتكاثر في المنفى
- لا يداري جواه
إن مشى تتقدمه أضلعُ !!
يتطبّع في منفاه وذو الغربة يتطبّع
كيفكم أيها الأصدقاء
وداعا
لدي قطار إلى غيمة في القدس
ودا
عا

.

قطار باريس 5/5/2001
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*د. أحمد الدوسري: شاعر وكاتب كويتي يقيم في سويسرا، من أعماله: طبقات التعساء، الظلام من الشمال.
*نشرت في مجلة (ألواح) العدد 11 سنة 2001م مدريد.

ليست هناك تعليقات: