02‏/11‏/2012

عن دابادا / في فيسبوك

عن دابادا / في فيسبوك
 نشرت صفحة (أنفي يطلق الروايات) في الفيسبوك، الخاصة بشؤون الرواية، بتاريخ 7/11/2011م رابطاً لنص رواية (دابادا) لـ حسن مطلك، وهنا نقتطف بعض التعليقات التي دونها كتاب ومثقفون بشأنها:

*علي وجيه: من أجمل المرويات عنها، أنّ د.علي عباس علوان، قال: "إنني بعد أن قرأتُها ضربتُ أولادي بلا سبب!"، وللعلم، حين عاد حسن مطلك بنسخه من الطبعة الأولى، تلف أغلبها باصطدام مع القطار، أنا شخصيّاً لديّ نسخة من هذه النسخ الناجية! باهدائه، وهي حالياً لدى أحد الأصدقاء...

*جلال نعيم: دادا بابا.. هي استبطان لطفولة مفتقدة.. عثر حسن مطلگ على شيء منها فشنقوه، فظل يردد: دادا بابا.. دابابا.. ومرات: دابادا!. البقاء بحياتك يا محسن الرملي! لأن دابادا ما زالت تحييه، ولا بد لها أن تكمل دورة حياته أيضاً! .

*جمال حسين علي: أتذكر أن الصديق الخالد حسن مطلك أعطاني مخطوطة دابادا بخطه (ومستنسخة خوفا من ضياعها) ومجلدة بطريقة بسيطة جداً. قرأتها مرتين، وكل مرة أجد صعوبة بالغة. عندما سلمتها له صمتّ، نظر لي بحدة كالعادة، فأجبته: ماذا تريدني أن أقول، أنك يا حسن سابق لزمانك.. فلا تنتظر من شخص أنت سابقه، أن يمدك بالعون.

*ضياء الجبيلي: مرة، وكنت وقتها ماأزال غضا طري العود، أكتب أشعاراً عمودية لفتيات "نحيسات" جذبني عنوان (دابادا) في في مكتبة أخي نجاح، كنت أظن أنه عنوان ملحمة لكاتب أو شاعر مجهول من زمن الملاحم الإنسانية. وقبل أن التقطه، سألت نجاح: لمن الكتاب؟ فأجابني: إنه لكاتب جميل هدم الفاشيون لذاته الكتابية. حزنت كثيراً. وازداد حزني وأنا أقرأ (دابادا). ولن أنكر في يوم أن حسن مطلك كان أحد الذين دفعوني لكتابة الرواية. إجلالي ايها الرملي الجميل.

*إيناس عبدالله: حسن خسارة للعالم وليس فقط لأهله، على العالم أن يعرف ذلك في كل مرة يقرأ فيها (دابادا).. عليه أن يعرف مَن وكيف ولماذا خسر؟.

*شاكر الأنصاري: رواية رائعة بحق.. أول مرة عثرت عليها، كانت في السليمانية عام 1995 والمثير أنها كانت موجودة هناك بكثرة. أغلب الأصدقاء الذين لديهم مكتبات لديهم نسخ منها.

*سعدون البيضاني: شكرا أستاذ أحمد سعداوي على هذا الرابط، أنزلتها.. دمت لنا أخاً مبدعاً، خلافك من أين سنحصل على هذه الروايات الرائعة، نحن المفاليس.

ديوان للنفري / إهداء إلى حسن مطلك

المطر أيضاً غابة
شعر
مهدي النفري
 لوحة الغلاف لـ مهدي النفري
منشورات (أدب فن) 2012 هولندا

الاهداء
.. إلى حسن مطلك

-1-
بقليل من التعاسة أمضي إليك
أحتاج الخراب أكثر مما أحتاجك يا قلبي
أريد أن أصل الأرض/ أريد أن ألملم هذا الهواء وأزرعه في يدي
أكره أن تختبيء الكلمات بين الكتب
أكره الوجوه التي تشبه المرايا
أعرف أنني سأكتب مرة أخرى عنك لأنك الحياة
أعرف جيداً لأنك الخطيئة الوحيدة التي أدخلتني الجنة
أتذكر وأنا الذي تركه الرب في بيوت النسيان
كيف كانت الحروب تقودنا إلى جحورنا

كيف كانت الدروب بدونك مثل غابة بلا أشجار
مثل البوم صور يتصفحه غريب
هي أطراف كلام نتجاذبه ونمضي
لننام وديعين في قبر مهجور
كيف حضر غيابك فجأة في رأسي؟
أنت الذي لم تغب قط عني
ربما لأن الأفكار ضاقت بنا
وربما لأننا أصبحنا أصدقاء للحجر أكثر منا
ها أنا أرث نصيبنا من القرف
ومن أسماء سكنت في قلبي
كتبتها قصائد
وكتبتني طعنات
أسال أشجار الغابة
عن عدد العصافير الميته
عن أميرة لم تستيقظ يوما من سباتها
عن فرح
أين اختبأ منا؟
عن كؤوس شربت الصمت
وتركتنا نسكر الخسارات
عن نافذة
سقطت منها آلاف المرات
ولم أبلغ الأرض
إلى أين تمضي سألني الدرب
وأنت
بقليل من التعاسة ترسو في بحر من الرماد

-2-
قولوا للدرب ها نحن وصلنا
كم تيه يحمله القلب يا ربي ؟
-3-
سلام صادق  
حسنا
هذا جيبي المثقوب بالفقد
وهذا الدرب الذي لم تصله الأرض يوما
أريد أن أكون خارج هذا الغبار
طالما سكنت العاصفة نافذتي
طالما كان النهار هناك بلا نهار
هل للغابة من قلب غير الدهشة
هي ملح زاد العصافير
هي بيت قلبي وهو يطارد إخوة يوسف

يارب حياتي
كم مرة ارتطمت بالحجر؟
كم من عنكبوت بنى بيته في يدي وأنا أصطاد له الحب
أفكر في هذه اليابسة وهي تذرف الدموع بحثا عن فكرة
أفكر في وجهي وهو يعيد المرايا كما هي عارية
إيه يا ربي
لم هذه الدهشة تثمر وحدها ؟

-4-

لستُ أنا
 أنا الواقف أحتمي من المطر بالغيمة/ غرقت حياتي تباعا وأنا أتأمل النافذة هل من خطوة هناك تفضي إلى الباب/

-5-
ربما    
ليس من بديل/ الجدران هي الجدران والنوافذ هي النوافذ/ الأفكار التي نلاحقها تلوح لنا من بعيد دعوا الأجوبة تثمر في جيوبكم المثقوبة/ ربما الحاجة الوحيدة التي أشتاق إليها الآن أن لا يحدث شيء في هذا اللاشيء/ مازال ذاك العصفور يهوي إلى الأعلى سيقول أحدهم كيف يهوى وهو يحلق إلى الأعلى أقول له هل جربت الطيران بدون رأسك ؟ هل أسعفتك يوما روحك وأنت تتكيء على سياج الفقد/
أنت أيتها الأرض يا فلاح الخسارات وثمر السراب متى تموتين إلى الأبد؟/ لا تستغربوا  من هذه الحكاية أتعبتني هذه الحقائب وهي محملة بالشتاء دون أن تمطر/ أتعبني الأصدقاء وهم يسكنون الغياب ويحصدون قلبي/ يالتفاهة هذا الكرسي وهي يجلس وحيدا ينتظر أن يأتي حالم يشرب كأس الفراغ فيه/ أريد أن أغتسل من هذا الخوف وهو يهادن روحي/ أريد أن أنام دون أن يحضر طيفك والأرق / أريد أن أتسلق هذا الضوء كي أرى المجهول قبل أن تخذله رائحة الليالي الحالكة/ سيمر هنا أو هناك الضباب وحيدا/ وأنا انتظر لعل الضبع يعود إلى جحره/ لعل الوسادة تتقبل رأسي كضيف شرف ولو لمرة واحدة/ ربما لو إني لم أتنفس البلاد لكنت/ ربما لو إنني لم أخذل الأبواب والنوافذ لكنت/ ربما لو كان هذا الجدار لم يصبه الحنين لكنت/ ربما لو إني لم أكن غابة لكنت/ ربما لو إني لم أتذكر الحياة
لكنت
-6-
يا إلهي
لقد كبرت الغابة
كبرت الغابة
آه
آه آه آه
لقد كبرت الغابة يا إلهي وصارت ظل شجرة

-7-
المطر أيضا غابة
سيقول الناس إن هذه العصافير أصابها الجنون وهي تطعم الغابة كثيرا من اليقين
لست فزعا من ارتكابي لتلك المعاصي/ فقلبي مازال يهلث نحو أخطاء الماضي/ أعرف إن الرغبة هي باب الغموض/ وأعرف اكثر إنني أرسم فخا لعنقي بهذا المطر/ لكني أريد ان اموت هناك كاليقين/ كالغابة/ كالعصافير/ أريد أن أكون مجنونا كي أضمن الحياة
-8-
لستُ
لستُ خجلا حين أعترف للعالم أجمع إنني أكرهك
أنت النسيان الذي أثمر في رأسي حتى صار غابة/ أنت البلاد التي طعنتني حتى صرت بن محطات لا تغادرني ولا أغادرها/ أنت روحي التي عصيت بالانضمام إليْ/ أنت المملكة التي خلفت لي أرضا سبخة أحرث فيها الماضي وأحصد المستقبل/ أريد أن أقول لك إنني كرهتك/ لكن كيف؟ وأنت ملامحي وشراييني وصفاتي/آه ياإلهي علمني أن أكرهه أكثر كي أحبه أكثر
-9-
أنت يا ظلي
أيضاً تشبهني

-10-
جدار في نافذة
أمس مرت الغابة في رأسي/ رأيت العصافير مسرعة وبعينين دامعتين/ كنت وقتها أغسل جذور الأرض وعظام الدود من بقايا الطعنات/ لم يكن في قلبي صيادا ماهرا كي يقتنص الهواء/ كان الفراغ وحده يزرع الأثر دون أن يتحسس يقظته/ لكن حكايتي ليست عن هذه الأغصان/ ولا عن أولئك العابرين بلا أقدام/ أنا هنا كي أخبركم كيف أفسد الشتاء هذا الحب/ وكيف أثمرت الحيرة في قلوبنا فصارت غابة
-11-
ماذا لو
نسيت هذه الأرض يوما دورتها
-12-
أبدا
تلك أخطائك أيها الصواب
تجلس وحيدا ورأسك مزدحم بالناس

-13-
مجرد فكرة
كانت الفكرة أن اطرق باب قلبك هي الرعب بعينه/ أن تمسك الحياة من أعماقها وتحاول أن ترسم لها ما يمكنك ان تنجو منه/ أن تضع الألم جانبا وتقول إن كل معاناتي هي من صنع المجهول/أعرف أنك تحاول التظاهر بالرقص لتكون في النهاية راقص حرب ميت باميتاز/
-14-
هي الحكاية إذا
الفجوة التي منحت الدرب جذع شجرة ميت/ قلت للصباح ألا يحق للحياة أن ترتب حياتها خارج هذه الدائرة/ قال هل شعرت يوما بالهواء يختنق بالهواء ؟ قلت له دعني أولا اخلع حذائي فبقية الصمت صوتها واطيء حد الصرخة
-15-
كنت أريد أن أجرب
كنت أريد أن أقول لك إنني أحبك
كنت أريد أن أجرب
لا أكثر
-16-
شتات باتجاه منحرف
منذُ أن أكتشفنا إن القمر لعبة تتسلى بها الشمس/ منذ حياة تختبيء داخل أسوار الحياة وتصرخ يوما من يخرج الذئب من قلب الإنسان/ مثل ترنيمة أمارس اللهو قبل ان تُسقطني أرجوحة الخذلان/ها هي الأشجار تلتهم العصافير وتدعي إن يدها وديعة/ أيها السر الكامن يأمن  هويت وصرت سرا كشبح الغرفة وهو يشاركني الرهبة/لن أكف من اتباعك أيها الظل/ فأنت وحدك الشتاء الذي يحق لي النظر إليه
-17-
هي بلاد كالنسيان أو نصف خطوة
لم ألتفت يوما إلى المستقبل/ الهامش بيت النمل هو مآوى لنافذتي/ لم أكن وحيدا حين أطلقت رصاصة الرحمة على الرامي كان هناك أنبياء كثر حذو حذوي/ قلت لظلي لنكن حذرين من الهواء فهو يسرق منا أنفاسنا/ ليكن اللاشيء ولو مرة واحدة في قلوبنا/ كل شي مَر/ كل شيء عادي/ لدرجة إننا نربي الجمرة كي تثمر في قلوبنا/
أريد أن أتجرع الغياب قلت لقلبي
أريد أن أسرف في الطيران بعيدا عني
هي الريح وحدها تعرف كم حجم الريشة
هي بلاد كالنسيان  
هي نصف خطوة أو أقصر
-18-
متهم هذا البحر بأنّه
ذكرى
وأن الزوّارَ هم النسيان.
-19-
نحن الفارغون
العاطلون
من كل شيء
نقف الآن على مقربة من جحر الضبع
لعلنا نصل يوما ما
إلى القرف مرتاحي البال
-20-
غابة
مثل غابة أقف هناك أتمتم عن درب للعصافير وعن أيام بلغت خيوطها فقلت هي لحظات لا أكثر وننسى الكلام لكني قبل أن تراودني فكرة الحبو إقتربت مني كثيرا جمعت كل الكائنات التي أتعبتها الخرائط وعلقت أمانيهم في عنقي /أعرف جيدا إنني أفتح نافذتي لفراشات قنديلها العتمة وأعرف أكثر إنني أحرس الجمع بسلالة الريح/هذا ثوبك أيها البحر وهذا ليل المنكوبين وهو يختزل أجيالا من العصافير/هي ظلال تكسرت فيها الجدوى والرغبات فصارت تدخل النهار خلسة وتعود لتربط الليل بريشها/ وحدي كنت أحدق في حرائط الطفولة وأغري الأحلام بالاقتراب مني
-21-
عصفور
كأنني ألمحك أيها البعيد القريب محملا بالأشياء واللا أشياء/ هل من ظل هناك أكسو به ماتبقى ورائي// أيها الغيم اهبط قليلا/ إدنو مني/ هي يد واحدة في المحطات/هو درب واحد يرسمه الضباب/هل تريد أن تطول الحكاية لك لاخبرك عن قوس قزح؟ عن وجه الذئب وهو يجري صوبه؟ عن أعمى شق الطريق إليه وسط الزحام فنسي عكازته في المرايا/ تلك مواسم انكسر فيها اللحن والعصفور/
-22-
هي إذا .... لغة
(إعطني فرصتي يا الله لأقول ما لدي وأموت
إنني أفقد عقلي تماما
عقلي وقلبي
مثقوب بمسامير المسيح
وامرأتي تأكل الشكولاتة
في مخدع بارد معطر)*
                   حسن مطلك

هي إذا لغة وأنا ألج إلى ما تبقى من رصيدي من الأمس. أكتب بلاد وأشطب أخرى. أمسح دمعة السماء بعيوني وأصرخ بصمت هل من بضاعة ردت إلينا؟ كنت أطأ قلبي وأعرف جيدا إنني أمسك بمحراث حجري يحرث الصدأ هناك. لا مكان للبحر هناك في الدرب إليً.
أنا وجهي الغائب. أنا العتمة الحاضرة بين الضوء والضوء. أنا السحاب الذي أظل طريق المطر. رأيت الخذلان يتكسر في أجنحة الطيور. رأيت الكلمات كالأسماء تبنت في حجر قاس. هل كنت أرعى الحياة في اللاحياة؟ هل هي نزوة الوردة وهي تنظر في عينيها كيف تكبر الصحراء في الغابة؟ لكني كنت أشرب ظلي وأذهب معه حيث ينام الغرباء في القصائد المنسية. هي إذا لغة. أفتح جيبي المتقوب وأتطلع فيه للماضي. أتامل الحقائب الملآنة بالذكرى كيف كانت الحروب تجري ورائي؟ كيف كانت البلاد غير قلبي؟ أكنتُ أُلاحقك يا نافذة الغبار أم أنني أتبع قدمي؟
.....................
*
النص مشترك ما بيني وبين حسن مطلك، الكلمات التي بين الأقواس للعزيز حسن أما بقية النص فهو لي.
-23-
أسمع المطر كأنه قلبي
ثمة فرقا كبيرا بين أن تصطاد عصفورا ميتا وبين أن تضع رأسك تحت صخرة تُكذِبُ فيها على نفسك وتقول إنها وطن/ هو مشهد صار يتكرر في رأسي كلما حاولت أن استدرج المطر إلى قلبي/ كأنني ارتب لهذه الأفكار طريدا أصنعه بيدي وأطلقه للريح ثم اجري امامه !!! ياللعجب انني افكر في الضحية/ لا ...... أبدا أفكر في الجلاد/ طوال النهار والليل وانا أحتضنه أريد له البقاء اطول في ذاكرتي/ ماعاد للضحية

من نافذة في بيتي/ اعرف جيدا إن هذه الصور تبدو مشوهة لديكم لكني أراها بوضوح أراها وجها لوجه أكاد أجزم لكم أنها تفترسني كل لحظة حتى لا تترك لي أثر لكني في لحظة النهاية اقف من جديد وأجري ورائي نعم أجري دون توقف حتى تعود عظامي ولحمي من جديد ثم أعيد الكرة مرة أخرى فاعود واقفا وجها لوجه امام الجلاد ويعود هو يفترسني مرة أخرى /اليوم فكرت بشي اخر فكرت في شبيه لي أسند اليه هذه الحرية وأكون أنا الضحية لاتخلص مني/ لكن كيف ؟ أنا أكره الضحية/ كلما تذكرت الضحايا كلما بدأت أرتعد ليس من الموت بل من النسيان/ فالجلاد يبقى دائم الحضور والضحية قبر من الوحدة والحزن وحيدا

-24-
ماذا افعل بالقُبلة وانا ملطخ بغيابك
...............................................
أريد لهذه العينين الظلام
يكفيني انني لا أرى عصفورا يموت
يكفي انني اشرب قهوتي سوداء
وأسمع موسيقى القداس
أفكر في هذا الحائط
كم صديق له؟
أفكر في قلبي كم من رغبة لم يحققها؟
أفكر في بشاعتك أيتها الوردة

وأنت تتوسدين ضريحي
هل أغضب
هل أصرخ
هل أبكي
سياتي الشعراء كلهم ويكتبون عن صورة معلقة
عن نادل يضحك بصوت عال في العزاء
أعرف أن هذه القصة لا تعني أحد
لان كل الكلام فيها ليس عاهرا ولاقبيحا
وأيضا لا يمجد الرب
وأعرف أن كثيرا من الكلاب لا تنبح من أجل النباح بل تنبح لأنها خائفة من نفسها
هو العطش اذا
العطش الذي تحلم به الصحراء
ولولا هذا السرب من الموتى
لقلت لكم
ماذا افعل بنهديها وأنا أقف في قبري وحيد

-25-
كلُّ ما لم أستطع
نسيانه
من العالم
تركته بين يدي البحر

-26-
عزيزي حسن مطلك
 رســائـل

مرة أخرى يا حسن أكتب لك هنا صرنا نتقاسم وجع اللغة هنا يا صديقي وليست اللغة وحدها بل وجع الحياة كلها* ما زلت في صراع مرير يا صديقي مع الأعمى/ الأعمى الذي حدثتك عنه وقلت لك انه سيتقاسم نصوصنا مشتركة لكني في كل مرة اقترب من نصوصك ابدا بالبكاء/ أنا لا أبكي لفقدك لأنك دائم الحضور، أبكي للغة التي فقدتك، أبكي لما قلته، هل تتذكر؟ : أريد أن أكون كاتبا كبيرا وأحصل على نوبل/ لكن

نوبل من وجهة نظري لم تعد ذا قيمة أمامك يا حسن، فأنت الشتاء الذي أمطر علينا بتجارب فريدة ومطر كما كنت تقول
هو المطر
خلف الباب لا أكثر
أريد أن أختصر الأعمى ونصوصه يا حسن، لكني أخشى من الاقتراب منه، تعرف جيدا أنني سامسح كل شيء لكني تركته فقط حتى هذه اللحظة لأن الأمر يتعلق بك
اليوم استوقفتني جملة منك تقول فيها ليس ثمة شيء في هذا العالم
العالم محطة للاحتمالات/
لكن الاحتمالات قادتنا يا حسن لان نفقأ عيوننا لنقتل كل زهرة في حديقتنا، لا من أجل شيء، بل من أجل إعادة تكوين روحها وإعادة هيكلها من جديد وبصيغة تمنحها أكثر عطرا وجمالا*
ولكنك تصرخ بعد كل محاولة وتقول يا مهدي اسمعني
"أخاف التجارب التي لا تأتي من المغامرة"

لهذا تركت بين يديك المقطع الأخير من الأعمى وترانيمه

ترنيمة الأعمى
قال لي
وهو يتوسد أحلامه: إن المرء ليدرك صورته كلما جلس في شرفة قلبه
قلت له
وما الجديد في مرآة العدم؟
قال
كلما مر اليقين مرت الحياة ولو دعوتك إلى يقظة في درب السنونو فما أنت فاعل؟
قلت
سأكون توأما للظل وأُطفأ مصابيح الغفلة في قلب العالم وأنام
...............................

-27-
يارب الحياة
افسح للحياة أن تمر
فبيت من الوهم
لا يترك للعابر
سوى الوحشة

-28-
مثل عصفور تائه في غابة يبحث عن عشه أمضي إليك حاملا معي الذهول وما تبقى من عمري الحافي لعلي أفلح بريش من الذكرى ينمو في غيابك

-29-
ليس للأثر سوى الدهشة
قلت له استيقظ أنت الذي لم تجرب النوم قط/هذه أغنية الليل فافتح درب الاعمى/ قل للمراكب إننا افتقدنا الدليل/ قل لقلوبنا إننا اخوة يوسف/ هو مساء لايكفي النظر وحده إليه/ اعرف إن هذه الوجوه عارية كي تصل الارض/ واعرف اكثر إننا ننقب في الهواء عن قلوب اكلتها الوحشة/ اريد ان اقول لك كم من رداء مثقوب لبسه الاثر ؟ كم من نجمة تبعتها وانا الاعمى/ إيه ياذهول الجدران من الجدران / ايه من يدي وهي تغرف الصمت تلو الصمت فلا تصل إلا للجمرة/ كنت اتعثر في شوق لملهى الحياة/ كنت اقف إلا قليلا لولا تعثر الاثر/ هو درب يتذكرنا في كل نداء صمت ويصرخ/
-30-
عن بحر وقطرة صمت
تأخذني لعيني
أنام هناك
لا أحد في الموج
أبحث عنك ياظل الناس
كل دفاتري ملانة بالبياض
فمن ياتي يغسل خطاياي
ومن ياتي
لياخذني لكوكب آخر
حولي ألف غريق
ينتظر الموج
كي يغرق
لا جواب في هذا الرمل
سوى أثر صوتك
فتعال اخرجني
من هذا الجوف
ومن دقات القلب
ومن روحك
اني أبحر ولا أدري
هل هذا بحر
أم بقايا لي
أم لعبة طفل ضاعت
فتلقاها الموج
أم زجاجة ذكرى شاطرها النسيان
أتسائل هل بقي من ذاتك لي
هل بقي شيء لي وحدي
إني أبحر
لا أدري
ان كان هذا بحرا
أم
ظلا لي
ذا البحر
وتلك أسئلتي
أهب الروح
فلا أجد
غير الافق
أهب نفسي ظلا
فلا أجد
غير ظل لآخر يشبهني
لكنه يسمع
أغنية لا أفهمها
ويصرخ ارحل يا أنت مني
……………………..
أن تبدا بعد دقات القلب
تعزف نبض الذكرى
تضحك على نفسك
تهمس في أذنيك
هل هذا صوتي
آنى لك ان تكون انت
والبحر وحده …..وأنا وحدي
…………………………..
ها أنا أبحر
مرة أخرى
ولكن أين أنا من نفسي؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*مهدي النفري: شاعر ومترجم عراقي يقيم في هولندا. nuffari@yahoo.com

30‏/10‏/2012

أمسية / عن حسن مطلك / في الفيسبوك


أمسية عن حسن مطلك في الفيسبوك
بعنــــــــوان
(الشهيد حسن مطلك عبقري الرواية الحديثة)
 
مساء يوم 28/7/2011م، في الفيسبوك، في صفحة (شارع المتنبي// مقهى الشابندر) أقام مجموعة من الأصدقاء المثقفين أمسية خاصة في ذكرى حسن مطلك بعنوان: (الشهيد حسن مطلك عبقري الرواية الحديثة)، تحاوروا فيها واستعادوا قراءة ومناقشة العديد من نصوصه وحواراته وسيرته وذكريات عنه وآراء حول أعماله.. وكانت مبادرة وأمسية بديعة بكل المقاييس الإنسانية والثقافية.. هذه مقتطفات (محَرَّرة) من بعض ما ورد فيها، وألف تحية ومحبة وامتنان لهم جميعاً.
أدارتها: إكرام الغزالي / Welcome Change
شارع المتنبي // مقهى الشابندر

 
 *إكرام الغزالي Welcome Change: تزدان مقهانا اليوم بذكر الشهيد الأديب حسن مطلك.... وسنقوم بالتطرق الى بعض من سيرته وما يمكننا تقديمه عنه لحين المباشرة بسبر اغوار (دابادا).... مودتي وشكري لكم جميعاً على الحضور والمشاركة معنا في هذه الأمسية.
*حميد الجبوري: بل نحن اللذين نشكرك لأنك أنت من ذكّرنا بمبدعينا اللذين عاشوا محرومين وماتوا مظلومين، تحياتي، وانحني اجلالا سيدتي إكرام لمبادراتك القيمة.
*إكرام الغزالي: إنها مبادرة الدكتور عزاوي الجميلي، وهو الذي عرفنا عليه، فله جزيل الشكر والعرفان.
*حميد الجبوري: له كل الود والتقدير ولكل من ساهم في إحياء.. دابــــــــــــــــــــــادا
*بيربيتوال Perpetual Adoration: أيا لوعة سكنت الحناجر.. لقلم بالفكر ثائر.. غدرا أماته الغادر.. هو لم يمت، لم يغادر.. فها هي كلماته تذبح الخناجر... اشكرك سيدي العزيز على هذه النبذة القيمة عن كاتبنا الكبير حسن مطلك وحياتكم معه.
*بيربيتوال Perpetual Adoration: سكنت واخذت الكلمات تداعب مخيلتي.. كأنها عشق جديد ألهب ناري.. وأخذ يبدل كل خلايا جسمي.. يركبها من جديد.. فصارت لحروفه عبيد.. تسابقني العيون لتقبيلها.. وتقفل الجفون لخيالها.. عشنا في عصرك أيها المجنون.. وما نلنا غير الخيبة.. لم نحمي كاتب من ريب المنون .. عذرا سيدي المطلك حسن.. مازال وطنك هو الوطن.. مكبل... زاده النار وشرابه المحن.. عذرا سيد المطلك حسن.
*إكرام الغزالي Welcome Change: يقول حسن مطلك:
"تذكرتُ تلك المرأة التي قالت لي: أحبك.
فقلت لها: لا وقت عندي لغير الكتابة، وكتابتي، كما تعلمين، ليست مطلباً ذاتياً خاصاً، فالذي يدفعني بالأساس إلى الكتابة هي الغيرة.. نعم.. الغيرة.
قالت: أتغار عليّ.
قلت: أغار على وطني، الذي كلما قارنتُ أدبه بآداب الشعوب اكتأبت، ودفعني ذلك للقراءة والكتابة.. وستبقى تلك الغيرة تنهشني حتى أحقق ما يحققه كاتب عظيم لوطنه.. أو أهلك دون هذا الأمر".Principio del formulario
*د.عزاوي الجميلي Azzawi Aljumaily: إنه الشعور بالمسؤولية تجاه موقع بلده في عالم الأدب... وموقع الأدب من بلاده... كبير أنت يا حسن مطلك.. إنه الطموح العالي الذي لا يرضى بما دون النجوم... هو الذي يدفع الإنسان لأن يكون كبيراً..
*إكرام الغزالي Welcome Change: وهل لك دونه يا دكتور..
*حسين ألعنكود: الشاعر الدكتور.. لاحظ معي أن إكرام تعرف الكثير، وهي قادره على ادارة جلسات الحوار.. رغم أن البنت لاتعرف حسن مطلك كما أعرفه أنا الذي تتبعت اثره، وكدت أصنع عجلاً له خوار...........
*إكرام الغزالي: تعرف يا أستاذ حسين، أنا عندما قرأت الرواية تقمصته..... وفرحت أني لم أعرفه، لأنني لو عرفته لبررت وفسرت له ما كان يقول، ولكنني عندما تقمصته عرفته أكثر منكم...... لا أريد الحديث عن الرواية الآن، ولكنني أريد أن أتحدث عن شخص كان يعرف ويستبق الأحداث بروايته.......
*حسين ألعنكود: سامحيني إكرام، كلامك نصاً أحوله الآن إلى إسبانيا لإدخاله في برنامج خاص عن ذكرى حسن مطلك (ليس كل الحوار بالطبع، وإنما فقط ما يخص الموضوع، اطمئني).
*إكرام الغزالي: اني معليه، أريد نسبتي ههههههه.
*بيربيتوال Perpetual Adoration: نسبتك بتكريم المطلك ستكون عالية، فبتكريمه نكرم وطناً بكل ما فيه.
*إكرام الغزالي: وهذا شرف لي.
*شوقي عباس Shawqi Abbas: ((((أغار على وطني، الذي كلما قارنتُ أدبه بآداب الشعوب اكتأبت))))!!.. هل يعني هذا أننا لانملك أدباء؟؟ استغرب ذلك!!.
*بيربيتوال Perpetual Adoration: نملك يا سيدي، ولكن الطراز مختلف.
*إكرام الغزالي: أستاذ شوقي، يمكن تفسيرها كالآتي:.. انه يغار على أدب بلده الذي كلما قارن أدبه بآداب الشعوب اكتأب، لأننا أفضل منهم ولكن ثمة ليس من يثبت وجودنا بينهم.. أو يعطينا حقنا مثلاً..
*د.عزاوي الجميلي Azzawi Aljumaily: أو أن الأدب كان أدبا محوره شخص واحد... هل لاحظتم أن حسن مطلك لم يذكر شيئا عن قيادة العراق. عكس أدباء وشعراء ومطربي القادسية وما بعدها حيث لم يذكر العراق إلا قليلآ، بل كان الأدب يتجسد في حضرة القائد.... آخر أغنية كانت عن شخص العراق كانت على ما أذكر (الشمس شمسي والعراق عراقي)... وهي التي خرجت عن مألوف القول فلم تتغن بحب القائد.
إن التهميش والاقصاء عن الساحة الأدبية كان فناً تجيده أجهزة الرقابة... خذ مثلا الشاعر الكبير الجواهري الذي لا يعرفه أجيال التسعينات. وهناك القاص الكبير محمود جنداري الذي قال عنه نجيب محفوظ: أن في العراق قلما لم يأخذ المساحة التي يستحق ذلك هو محمود جنداري. وهؤلاء وغيرهم هم من كان يقصدهم حسن مطلك...
*إكرام الغزالي: كما أن الأدباء كانت مساحة خروجهم خارج أسوار العراق محدودة وبالتالي انتشارهم ليس سهلا..... من كان معروفا هو من كانت ترشحه الدولة للمشاركة في المشاركات الخارجية أو من يهرب من العراق....... فحدود الشهرة والانطلاق معدومة لديهم.
*شوقي عباس Shawqi Abbas:.... شكراً لكم، اطمأن قلبي.
*إكرام الغزالي: اطمئن ياشوقي، فلو قرأت شيئاً عن سيرة حسن مطلك واطلعت على ما كتب لعرفت بأنه كان يعلم ما يقول، وله من الحكمة، رغم صغر سنه، ما تجعله يزن الأمور بميزان الفكر الثاقب والاحساس المرهف.
*د.عزاوي الجميلي: هو الذي قال، عندما كان في الثامنة عشرة من عمره: "إن الفن هو حالة التوحد مع هذا الكون"... عندما فكرت بهذه العبارة، عرفت أن من يقولها شخص غير عادي... فأبناء الثامنة عشرة اليوم بالكاد يعرفون قراءة مناهج الدراسة بمساعدة مدرس خصوصي...
*زينب كرم Zainab Karam: وطني الذي يدمى القلم حين يلمس آلامه ويبتسم عندما يشعر بمجبتي له.
*إكرام الغزالي: حسن مطلك فسخ خطوبته بسبب تاء مربوطة أو مفتوحة.... آااااااه لو أنه عاش اليوم! لطلق وزارة التربية كلها.
*د.عزاوي الجميلي: آه يا وجع اللغة المنتهَكة كالأم العجوز بين أبناء لا يعرفون البر....
(عله مود تاء مربوطه) هكذا تكتب هذه العبارة اليوم.... كان يعلم أن تلك المعلمة تسكن على حافة الجهل المركب.. جهل الذي لا يدري ولا يدري أنه لا يدري..

*حسين ألعنكود: لست بعيدا..! لكنني منشغل بقياس الوجود كما ادعى صاحبي قبل اختراع الحزن.. لم أر قلقا بهذا الحجم عندما كان حسن مطلك على الأرض معي. أنا معكم دائما لكنه وجع الحياة يسرقني منكم يا أعزاء مقهى الشهبندر: لا استثني منكم احدا، لكني ابوح لكم بالتمايز في التعلق بكم. فهناك من يجعلني أشهق إن تذكرته .. وهناك من يجعلني اهتز كغصن تحت سطوة ريح.. معكم أنا وشكرا لكم ولمتابعتكم.
Principio del formula
*إكرام الغزالي: الأخ العنكود.... فضل تواجدنا اليوم في باحة الابداع هو الدكتور العزاوي، فهو من قدم لنا الشهيد حسن مطلك... هو من قدم لنا الموضوع وابتدأت من هناك الشرارة. لك كل التحية والتقدير.
*د.عزاوي الجميلي: حسن مطلك... أشعر بالحزن عليه كثيرآ... ليس لأنه فارقنا... فأنا لم أكن أعرفه شخصياً... وكان الكلام عنه شبه مُحرم... لكنني حين اقرأ له... أسأل سؤالين:
الأول: تُرى لو بقي حياً إلى هذا اليوم، ماذا كان سيحل بالأدب والرواية؟.... ربما كانت قيامتها قد قامت بسببه... ربما كانوا سيتهمونه بأنه يكتب لكائنات على سطح المريخ، على قدر عال من الادراك... والسؤال الثاني: ألم يُقدر لجلاده أن يقرأ له شيئاً؟... ألم يطَّلع على عبارة من عباراته التي ترسم ألف لوحة؟. إن سطرا واحدا من كتاباته يكفي للحصول على مرحمة لألف جريمة... تقرأ له في (دابادا) وتشعر بأنك غير قادر على الاستمرار.. صفحتان، وتشعر بالتعب، وتشعر أنك دون مستوى التحدي... أنا شخصياً استسلم للنوم بعد صفحتين أو ثلاثة... عليه السلام...

*إكرام الغزالي: وهل يجيد الجلادون القراءة؟.
*فاروق محمد سعيد Farok Mohammed Saed: بداية، أتوجه بالشكر إلى كل من أتاح هذه الفرصة الغالية والمساحة الصغيرة للحديث عن أحد مبدعينا . أخص بالشكر السيد عزاوي والسيدة إكرام والسيد العنكود، وأعترف باني، ورغم ادعائي بكثرة المطالعة، قد رسبت في اختبار حسن المطلك، رغم ان اسمه ياتي كبصيص بعيد من أعماق النسيان.. ربما على شكل كاتب لقصة قصيرة أو أبيات شعر في جريدة الجمهورية أو حراس الوطن... الأهم من هذا وذاك، أنت امام مبدع يتلاعب بك وبكلماته كيفما يشاء، وأنا من المغرمين بالكتاب اللذين تكون نهاية ابداعاتهم ضحكة صغيرة، تضحكها على ذاتك بعد أن تكون طيلة فترة مطالعتك مهتما لأمر آخر، وحسن مطلك من هؤلاء. واذا اردنا ان نناقش مسالة إبداع جيل الثمانينيات في ظروف الحرب العراقية الايرانية ثم حرب الكويت والحصار وأخيرا الاحتلال، يجب أن نراعي عدة أمور، أهمها أن هذا الجيل ودونا عن الأجيال الأخرى، قد عانى من حالة قطع شبه كاملة عن ماضي الساحة الأدبية في الستينات والسبعينات بسبب ممارسات السلطة، أو كما أسميها بدء الحملة الأمية للقضاء على المعرفة والوطنية. هذا من جهة، ومن جهة أخرى: بدء السلطة بتكريس مفاهيم غريبة عن ساحة الإبداع الثقافي، بل ومتقاطعة معه لما سأسميه اختصارا أدب السلطة، والتي تتطلب قدرا كبيرا من القدرة على تحمل الاغراءات والضغوط للتخلص من براثن هذه المفاهيم ومروجيها،
يضاف إلى هذا اشتغال وسائل الإعلام بالحالة الإعلامية لتكريس أدب المعركة باعتبارها من الاولويات، وكذلك تزايد الرقابة على النصوص مع تقليل الدعم المادي للإبداع لما هو خارج عن إطار أدب المعركة، ثم أن الملتقيات العربية، والتي كانت عونا لمثقفي الستينات والسبعينات، أصبحت تتآمر مع السلطة في تقديم المبدع العراقي صعودا ونزولا عند رضى السلطان، ولا أنسى مسالة وضع أناس هم أبعد مايكونوا عن الثقافة في مراكز قرار مهمة، وكذلك ضنك العيش في الحصار وغيره... هذه الأسباب وغيرها مما فاتني، هي السبب في جهلنا لمبدع كبير كالذي أمامنا. نقول هذا الكلام كي لانضطر إلى نسخ ماكتبناه هنا ووضعه في مكان آخر لتقييم مبدع مجهول آخر... سلمتم.

*إكرام الغزالي: بوركت يا فاروق.... نعم، إن قراءة (دابادا) كانت أشد صعوبة من البكلوريا..... إلا أن فيها دائما مايشدك... بل يأخذك بقوة إلى ما يريد.. حيث تتيه أنت.
*فاروق محمد سعيد: ولأنني من عشاق المدرسة الواقعية في تعاملي مع كل صنوف الإبداع فأنا أجد أن حالة المبدع حسن مطلك، فيما قرأت من نصوص تفضل بها علينا السيد العنكود، يمثل الواقعية الفنطازية بأجمل حالاتها، القرية والبساطة والملل من المألوف ومحاولة كسره.. أما عن اللغة المستخدمة فلي فيها رأي بسيط، وهو شخصي، الملاحظ على كثير من مبدعي تلك المرحلة هو اللجؤ إلى الترميز والتشفير للكتابة، وهو أسلوب مورس كثيراً في أدب أميركا اللاتينية بشكل واسع، وابتدأ هذا الاسلوب بالانتشار منذ بداية الثمانينات إلى يومنا هذا، بعد أن كان في السبعينيات مقصوراً على مثقفي النخبة المتاثرين بالوجودية.
أنا أعتقد، في حالة حسن المطلك وزملائه، أن الرمزية كانت محاولة للهروب من مقص الرقيب والانتشار، وبعدها أصبحت أسلوبا متبعاً. ولكن تبقى المشكلة الأكبر، وهي مشكلة الترميز في كل مجالات الإبداع، كم من الجمهور سيفهم مرام المبدع؟ ليقودنا إلى سؤال آخر: هل نكتب من أجل الإبداع أم من أجل الناس؟ ثم لندخل في متاهة أكبر: الإبداع لمن؟ ولماذا؟.
إن حالة تراجع الوعي في الوسط الشعبي العراقي منذ بداية الدكتاتورية ومبدأ حكم الشخص الواحد، قد ساهمت في تعزيز الرأي القائل: بأن هؤلاء الكتاب إنما يهلوسون لحالهم. والحال ليس كذلك، بل هم مبدعون، ليأتي ناقد آخر ليزيد الطين بلة بالقول: إنما هؤلاء يكتبون لزمن آخر. وهذا خطأ أكبر. بل أن الصحيجح هو القول بأن هؤلاء المبدعون تواصلوا مع الإبداع بوتيرة أعلى من تواصل المتلقي مع الحالة الإبداعية المفترضة، وأن تراجع الثقافة الجماهيرية في المنطقة هو اللذي جعلنا ننظر إلى هؤلاء المبدعين وكأنهم كائنات من كوكب آخر، والحال أنهم مثلنا، يعيشون بيننا، يشعرون بما يفترض أن نشعر به، يحلمون أحيانا بالنيابة عنا لأننا توقفنا حتى عن الحلم... سلمتم.

*إكرام الغزالي: في معرض تطرقك عن الرمزية في الرواية، تم توجيه السؤال الى الشهيد حسن مطلك من قبل الصحفي نجم ذياب، الذي سأله:
ـ وماذا بالنسبة للرموز؟ حتماً أن هناك رموز في الرواية.
فأجاب حسن مطلك:ـ هناك رموز حتى في كلامنا العادي. واللغة محملة بالرموز والإشارات الاجتماعية محملة بالرموز والحدث محمل بالرموز.
ـ أقصد أن هناك رموزاً تخص الموضوع أو تخص حدثاً معين أو قضية معينة؟.
حسن مطلك:ـ هناك مسألة أخرى دعونا نسميها شئ آخر غير الرمزية، هناك فكرة (النص المزدوج) وهو الذي يأخذ معنى أكبر من معنى الرمزية. الرمزية هي مثلاً، عندما نريد أن نتحدث عن شخص لديه احتجاج ضد العالم نضع على فمه لاصق، هذا الرمز مثلاً يعني أن هذا الرجل عنده احتجاج ضد العالم.. أو أن شخصاً يريد التخلص من الزمن كما في رواية (رجال في الشمس) لغسان كنفاني، الزمن لا يعنيه فألقى بساعته في الصحراء. هذا يعتبر رمز بينما مسألة (النص المزدوج) مسألة أخرى فأولاً: تجد أن نفس الجملة تحمل معنيين؛ ظاهر وباطن يعني هناك حدث داخل حدث آخر وهذا ما أسماه رولان بارت بـ(النص في النص)، يعني نص داخل نص، أي أن الرواية كلها محملة بالرموز.. وهكذا عليك أن تقرأ نصين أو ربما أنك في القراءة الأولى لا تستطيع أن تسيطر على الرواية، لأن القراءة الأولى يمكن أن تكون للمتعة، والقراءة الثانية للإكتشاف. إذاً ستقرأ الرواية مرتين لتكتشف روايتين داخل رواية واحدة. أما على الصعيد الدلالي، دلالة اللغة، فليس دلالة اللغة هي دلالة الحدث، أي مثلاً عندما أريد أن أقول شيئاً وأعني شيئاً آخر. لقد تعلمت من روائيين، الروائيين كلهم، تعلمت من كل واحد منهم شيئاً أو مسألة معينة. تعلمت مثلاً من فولكنر أن أكتب حول الحدث ولا أشير أليه مباشرة، أي لا أشير إلى أن الشخصية تحس بتعب وإنما أتحدث عن شئ آخر فأشعر أن الشخصية متعبة. لا أريد أن أقول: أن شاهين تعبان ولكن يجب أن أوضح كيف هو تعبان وأن شاهين يحس بهذا الإحساس ويريد أن يقول هذا الشئ دون أن يسميه. فدائماً أدور حول الحدث إلى أن يتوضح، هذا ماتعلمته من فولكنر. تعلمت من بروست كيفية الاستفادة من الجملة الطويلة في الكشف عن أشياء كثيرة. وليس الجملة الطويلة فقط هي التي تعلمتها من بروست، فقد تعلمت منه أيضاً: النظر والتنظير بشكل شعري، فبروست ينظر بشكل شعري، أي أنه بطريقة الشعر ينظر إلى العالم. أو يفكك رموز العالم بالتدقيق. واستخدمت الذاكرة البروستية ولكن ليس بمعناها البروستي وإنما بالمعنى الذي رأيته أنا. واستفدت من كونراد (جوزيف كونراد) بأن أكتب عن اللحظات التي لا يمكن الكتابة عنها.. اللحظات التي أراها مستحيلة.. أحياناً نرى حدثاً ما في العالم، ولا يوجد تعبير عنه. ولكنني أعتقد بأن جوزيف كونراد عبر عن أشياء يمكن أن نحسها إحساساً فقط ولا يمكن أن نعبر عنها. فأنا أيضاً استفدت من كونراد من هذا الجانب.. وكل روائي استفدت منه بشكل أو بآخر. تعلمت من ماركيز اللعبة الأدبية.. أي كيف أؤخر وأقدم حدث على آخر.. أي كيفية عمل التداخل وعمل المونتاج.
*إكرام الغزالي: وقد وجه سؤالا عن القارئ للشهيد حسن مطلك، وكان السؤال والإجابة كالتالي:
ـ هل فكرت بالقارئ وأنت تستخدم هذا النوع من التقطيع؟.
حسن مطلك: أكيد أن الكاتب يكتب لقارئ معين، ولكن في لحظة الكتابة بالذات، عندما تفكر بالقارئ ستكون الكتابة مفتعلة، فمثلاً: القارئ الذي أفكر به من أي مستوى سيكون. وإذا فكرت بالقارئ فهل هو قارئ مبتدئ؟.. وهل أنا أكتب للقارئ المبتدئ؟ إذاً والقارئ الذي وصل إلى درجات كبيرة في القراءة؟. كيف أكتب له؟ وإذا كتبت للنخبة فكيف بالقارئ العادي؟.. إذاً أنا أكتب على افتراض أن الكل هم نخبة. أي لا يوجد عندي شئ أسمه قارئ عادي، فالقارئ أو الإنسان إما أن يقرأ ويصبح قارئاً أو لا يقرأ. إذاً كل قارئ هو نخبوي ومثقف. ولا أعتقد بأن قارئ يقرأ رواية واحدة ونقول أنه قارئ أو يقرأ كتاباً واحداً ونقول أنه قارئ، فلابد أن يكون شخصاً هوايته القراءة ويستمر بالقراءة وتكون القراءة له عملية تثقيف، فإذاً هذا يرتقي أي أن وعيه يرتقي، وإذا لم يرتقِ اليوم فسيرتقي غداً. وأنا لا أتوجه إلى هذا القارئ الذي يبتدئ بالقراءة، فإن القارئ الذي مازال، الآن، يبتدئ.. فإن روايتي لا توجه إليه.. هناك كلام جميل لـآلان روب غرييه يقول فيه؛ إن النقاد يحاكمونني ويقولون لي: من أين جئت بهذا الكلام؟ ربما أنهم لم يقرأوا بلزاك، يفترض بهم أن يقرأوا بلزاك وستندال، فهم قد قفزوا من فلوبير إلى رواياتي ولابد أن يمروا بكل هذا التراث الأدبي والتاريخ الأدبي من أن أجل أن يفهمون إلى أين وصلت أنا بالكتابة، لأن الكتابة أيضاً عملية تراثية تطورية. فنحن إذ نبتدئ بفن الرواية فإنه قد بدأنا بقص حكايات قبل أكثر من 600 سنة تقريباً في إيطاليا وبعد ذلك تطور وأصبح على شكل يوميات مثل ما كتب غوته في (آلام فارتر) وما كتبه فيما بعد سارتر في (الغثيان) ولقد تطور الفن الروائي ليصبح انقلاباً روائياً في عهد فلوبير الذي أرسى دعائم الواقعية. واقعية تحيل إلى التحليل، فمن فلوبير بدأت أشكال كثيرة للكتابة إلى أن ظهرت عندنا الرواية الحديثة. أنا لا أريد أن أسمي إنتاجي هو رواية حديثة، ولكنني أعتقد بأن الإنسان المعاصر لا يمكن التعبير عنه بشكل بسيط، فإن أردت الكتابة عن (ياسين) أو (محسن) مثلاً فلا يمكن أن تكتب: (محسن) جاء وذهب وفعل كذا.. بهذه البساطة فلا بد أيضاً مما بداخله: هواجسه، همومه أثناء قيامه بهذا العمل البسيط، مثلاً، أثناء رفعه للقدح بماذا كان يفكر؟ هل كان يفكر بأنه سيناول القدح باحترام؟ أم كان سيناوله وهو غير راض، وبعد ذلك أن (محسن) ربما كان يفكر بشيء آخر، فربما كان يفكر أن يسافر بالقطار، وربما يقول؛ أن القطار سوف يوصلني بمدة طويلة ويسبب لي متاعباً.. كل هذا قد يتم أثناء عملية رفعه للقدح. ولذلك فعندما أتناول حدثاً يجب أن أضيئه من كل جوانبه، وأعتقد أن هذا هو الجانب الحديث بالكتابة،أي أن يؤخذ الإنسان ككل ولا يؤخذ كتجزيء له.
*حميد الجبوري: مساء الخير أحبتي.... إن (دا با دا) هي أصعب كتاب قرأته، فسرده للرواية يحوي تقنيات شتى منها الاستباق والاسترجاع والتأمل والتكرار.. إنه كتاب عبر بصرخة مدوية للباحثين عن الحرية..... أجمل ما في الكتاب أنك تقرأ رواية غير تقليدية لكاتب تحدى نفسه وعبر عن أوضاع بلده بطريقة عبقرية قد تكون سريالية,,,,, (دا با دا) عنوان لكتاب غير مألوف، فيه من التجديد الكثير على الصعيدين البنائي والمضموني,,, (دابادا) هي أهم رواية عراقية ظهرت في عصرنا.... رحم الله شهيدنا حسن مطلك وتجاوز عن ذنوبة وأسكنه فسيح جناته.
*إكرام الغزالي: استاذ حميد..... كم يوم استغرق زمن الرواية؟
*حميد الجبوري: والله إنها رواية صعبة جداً، قرأتها ثلاث مرات حتى أفهم رموزها وخباياها، إنها رواية غير تقليدية أبداً، وكأنها سفينة شامخة تمخر هياهب الأدب التقليدي,,,, لصالح أدب روائي جديد.
*إكرام الغزالي: الرواية استغرقت 3 أيام بأربع ليالي.
ومما قاله حسن مطلك أيضاً: "سنواجه هذا العالم الدموي بنص رقيق، وإلا فاوقفوا هذا العالم... أريد النزول"!.... وأنزلوه.
*فاروق محمد سعيد: إكرام، ربما هو توارد خواطر، ولكن هذه الفقرة بالذات أعجبتني جداً.. صدقاً، إنهم أنزلوه، بل لنقل إنه هو من اختار النزول.
*إكرام الغزالي: لا فاروق..... هو مليء بالأفكار... كان يريد من يساعده على إخراجها.... كان يطلب العون..... الرجل كان متمرداً على واقعه، إلا أن لا شيء يساعد... كان يطلب العون..
وهذه الجزئية من ذكرياته تؤكد ماذهبت اليه... كان بحاجة للعون وأيما عون!!. يقول حسن مطلك في مذكراته المكتوبة في الرابع من يونيو عام 1983: "أنتهت دراستي الجامعية. جالس في غرفتي، في قريتي، أقرأ واستمع الى الموسيقى. لقد عزمت على شيء... وأنني لأرتجف حتى في الكلام عنه: أن أكتب رواية.... ياللهول...! روايتي الأولى ستكون كافية لقتلي أو إحيائي.. وإنني خائف أيما خوف! إنني استجمع قوتي للوثوب، للافتراس، للبدء في الكتابة... ياله من عمل شاق....! أتهرب منه مثلما أشتاق إليه...".
*إكرام الغزالي: الخوف... وكثرة الأفكار... والرغبة في حل شمولي... تتطلب الإسناد يا أستاذ فاروق.... وكان مطلك يبحث عنه..
*ريا عاصي: هلو إكرام، بعثت دعوة لمحسن الرملي، أخو حسن مطلك، ليتك تقبلينها.
*إكرام الغزالي: أنا أشكرك ريا على هذه الإضافة الرائعة، وقبلتها.
*حسين ألعنكود: يعوزني زمن من العزله كي أقرا مشاركاتكم وتعليقاتكم حرفاً حرفاً، نَفَساً نَفَساً أيها الإعزاء.. أعدكم بأني سأقرأها الليله، رغم هبوط خبر صاعق باستشهاد بعض أصدقائي في تفجير اليوم في تكريت.
Principio del form
*إكرام الغزالي: إلى رحمة الله..... ألهمك وذويهم الصبر والسلوان.
*حميد الجبوري: إن شاء الله برداً وسلاما.
*حسين ألعنكود: سلاما لكم وعليكم وعلى أهليكم وعلى الأرض.
*إكرام الغزالي: سلاماً وبرداً على وطني إن شاءالله.
 قبر حسن مطلك
Principio del formul
*إكرام الغزالي: في رحمة مَن خَلق الرحمة ووهبها لعباده.
*حسين العنكود: كثيرا ما أكون هناك. أحياناً، أقف عند حافة القبر.. فتصير الحياة بالنسبة لي لا تساوي أي شيء.. وأقرأ هناك أيضا بعض المقاطع من (دابادا).
*إكرام الغزالي: في الأصل.. هذا العالم يجعلك تشعر بتفاهة الوجود، ومع حسن مطلك يجعلك تفكر بعمق أكثر.... ألهمك الله صبرا.
*حسين ألعنكود: فعلاً فعلاً يا إكرام. أحسنتِ.
*إكرام الغزالي: هي طفولتي أنا، طفولتكم..... هذا ما شعرت به عندما قرأت (دابادا). هو يكتب سيرته الذاتية وتاريخ سياسي للبلد.... تاريخ سياسي للبلد من وجهة نظره، ورغم أن هناك من قال بأن ليس في الموضوع سياسة، إلا أنني وجدته قطعة منسوجة نسجاً ومحبوكة حبكاً بالسياسة.. وكأنما يتحدث عن تاريخه السياسي ومنذ الطفولة.
*حسين العنكود: نعم، نعم.. كيف لا، والسياسه موجودة في شهيقنا وفي أكواب العصير وفي خطواتنا العامة والخاصة!. ركزي معي على (الحمار قندس) رمز السلطة، وركزي معي على شاهين عندما ضرب الحمار واكتشف بعد ذلك أنه استعمل المدية بشكل مقلوب حيث أصابت كفه هو.. قارني ذلك بالثورة التي شارك فيها حسن مطلك وكيف استُعملت بشكل مقلوب حيث اعدموه!!!!!!!!!!.
*إكرام الغزالي: بل قبل ذلك يا حسين، بل قبل ذلك، فلو ركزت قليلاً... لوجدت أنه يتحدث عن السلطة بالتحديد ومنذ بداية الرواية. لقد بُنيت القصة على قيام ثورة 68... ألا تتفق معي في ذلك؟.
*حسين ألعنكود: أعرف يا إكرام، أعرف.. وأنا الذي كتبت الرواية على مساحات جسدي حرفاً حرفاً، وعشت لحظاتها الفخمة لحظة لحظة، وقرأتها أكثر من ثمانين مرة.... وحدثني صاحبي حسن مطلك فيما مضى عن وشيش السكون والضحكة الحارة والثور القهوائي وطراوة العالم وانسكاب الجمال...
*إكرام الغزالي: بدون أن أعرفه وبدون أن يحدثني...... بدأت الرواية مع طفل مات أبوه وهو في السابعة من عمره...... ولد عام 61 وبإضافة سبع سنوات (عمره) يصبح العام 68 تاريخ الثورة..... مات أبوه حين ولدت ثورة 68
*حسين العنكود: لا، لا يا إكرام، أبداً لم يكن ذلك، ولكنها تراكمات وتداعيات تاريخ طويل يمتد منذ آشور حتى القيامة. في الواقع كان حسن مطلك يكره السياسة بقوة، بل أنه قال لي مرة بأن شوبنهاور، على ما أظن أو غيره، يقول بأن على الكاتب أن لا يحارب السلطة إلا إذا كانت لديه القوة المعادلة.. كي لا يتورط. لكن الظروف المحيطة آنذاك اجبرت حسن مطلك على الصراخ بوجه الخطأ المتراكم، والذي قد نكون شعرنا بسطوته بفعل انصهارنا الجغرافي بنفس بوتقة السلطة آنذاك.
*إكرام الغزالي: اثبت لي عكس ما ذهبت اليه.
حسن مطلك كان يعرف بأنه سيموت مبكراً... إلا أنه أخطأ في عامين فقط.
*حسين ألعنكود: ليس الآن إكرام، ولكن أنا بالذات، أدعوكم لقراءة الرواية بمفاهيم الإبداع واللغة وطريقة الروي والفرادة. أدعوكم لقراءتها أكثر.. إنها لا تنتمي إلى أية مدرسة، وهي واقعية مُطلقة، أي بَعد الواقعية السحرية للأخ العزيز ماركيز.. كم أحب هذا الأخ (ماركيز) يا إلهي!.
*إكرام الغزالي: أنا قرأت (دابادا) بطريقتي في القراءة... لست بثقافتكم... بل أنا من القراء العاديين.... هذه المرة لم أقرأ، بل استمعت... كان يحكي لي... تمدد أمامي على الكرسي الطويل (شيز لونك) وبدأ بسرد حياته..... أخبرني بما لم أجده في الكلمات.. بل بثنايا السطور.
*حسين ألعنكود: الله!
*إكرام الغزالي: أتعرف.. انني، أحياناً، كنت أسمع فحيحاً بين لقطة وأخرى، تنقلني من عالم إلى آخر، من موقف إلى آخر، فاشعر بالرعب.. وكأن جنيّاً قد خطف روحي..... لأصحو على نص يأخذني بين العوالم والأزمان.
*حسين ألعنكود: وهذه هي فرادة التاثير في القاريء..إنه نص يدعو للجنون..
*إكرام الغزالي: الجنون المٌبهر.... الجنون المُمتع...الجنون الذي يحفزك لانتظار ما هو قادم.
هل لي بسؤال عنه؟ ما كان عمل والده؟.
*حسين ألعنكود: والده كان رجل دين ويتسم بالحكمة المدهشه، ولكنه كان سلطويا نوعاً ما في إدارة القبيلة.
*إكرام الغزالي: علم.....شكراً جزيلاً.
*حسين ألعنكود: تذكري، ما جاء في النص: كانت معلقة بتعاطف حُر مع عصا التأديب.. في غرفة الوالد.
*إكرام الغزالي: وهل تدعي أنك قادر على فك شفرتها بما قاله لك عنها؟ وبقراءاتك الثمانين؟
*حسين ألعنكود: كل يوم أكتشف شيئاً جديداً.. رغم أنه كان يفك لي الشفرات وجهاً لوجه.. إنها تحتمل تأويلات لا تنتهي.. لقد تعبت. ولكنني مُلزم قريبا بنشر ما يخص طُرق أخرى لقراءة بعض الصفحات في (دابادا).
*إكرام الغزالي: هممممم وهل لنا من سبق؟.. وهل تتفق معي على أن الإنسان قد لا يعرف أشياءاً عن ذاته أحياناً؟
*حسين ألعنكود: لكم الأحقية. ولكنني في هذا اللحظات أفي فقط بوعدي بالحضور هنا، لأن وضعي اضظرب نوعا ما، بفعل إلزامات القوم وما حدثتكم عنه قبل لحظات..
*إكرام الغزالي: هل ترغب بالاستئذان؟.
*حسين ألعنكود: أرغب، ولكن لا أقدر. أريد أن نواصل الحديث عن حسن مطلك وعن داباداه.
...........................................
............................
.....................
..........