04‏/10‏/2009

كلمة / خضير ميري

قوة الضحك في أورا

خضير ميري

بسرعة البرق وبأخف من قطف وردة من حديقة عامة.. هكذا سُرق حسن مطلك من أيدينا شاباً وسيماً بملامح مغامر شجاع، استطاع أن يخترق المشهد الثقافي العراقي بأسلحة أدبية جديدة وكان ميالا إلى التجديد، غير مبال بالتقاليد الفكرية لمن سبقوه. كنت قد تعرفتُ عليه ذات ليلة من ليالي ثمانينيات بغداد الجميلة. وكان لقاؤنا الأول قد زرع مشادة كلامية عنيفة بيننا. كانت ثمرة أولى لصداقة وثيقة شاءت الدكتاتورية أن تفرقنا بعجالة؛ أنا إلى غابات الجنون وعوالمه المظلمة وهو إلى المشنقة.. تلك التي ذهب إليها بنفسه لاشتراكه في انقلاب سياسي على نظام الحكم القائم آنذاك بالنار والحديد… واليوم أعثر على نسخة من روايته الثانية (قوة الضحك في أورا) بطبعتها الجديدة في بيروت، وكانت قد طبعت لأول مرة في دمشق عام 2005 ولا يمكن لنا أن ننسى مدى إخلاص شقيقه محسن الرملي المقيم في إسبانيا في الحفاظ على التراث الأدبي لأخيه وإخراجه إلى النور. ورواية (قوة الضحك في أورا) ملحمة مكثفة لعوالم سحرية وأسطورية ذات إطار سردي واقعي، استطاع حسن مطلك أن يتجاوز فيها الأطر العامة للرواية العراقية والعربية مما يؤهلها لأن تكون رواية عالمية، نعم عالمية وقابلة للقراءة والترجمة إلى أكثر من لغة، فقد نسج فيها مطلك شخوصاً واقعية ومعاشة ممزوجة بشعرية سردية عالية وبناءات ذات مهارات روائية ممتعة. هكذا نطالع شخصيات مثل: ديام وأدهم الحداد وأوليفر.. وغيرهم تلك الشخصيات التي كانت مزيجاً من حسن مطلك نفسه مع آخرين. إنها رواية جديدة بكل معنى الكلمة تضاف إلى روايته الأولى (دابادا) التي صدمت المشهد الروائي العراقي وقدمت حسن مطلك لا إلى الشهرة والمال والمجد ولكن إلى حبل المشنقة ليكتب سيرة حياة روائي استثنائي عاش ولم يمت.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*عن صحيفة (الصباح) بتاريخ 3 آب 2006م بغداد.
*خضير ميري: كاتب عراقي. Khdhrmery@yahoo.com

ليست هناك تعليقات: