04‏/10‏/2009

مرثية / موسى الحوري

طلاسم وجد على شواطئ ملحية

(مرثية بحق حسن مطلك وإبراهيم حسن ناصر)


موسى الحوري

من روحين اعشوشبتا بالعشق الأزلي الذي تربى على سفوح جبل مكحول، روى لنا هذان الكاتبان قصة القلعة التي تومئ لهما صباح مساء لتحكي لهما تاريخ الديدبان وعجلة الزمن اللاهثة كعاصفة في صحراء متحركة أبداً.. دائماً.. تفتش عن مأوى العالم السفلي لتموز لتخبره أن عشتار وهبت الحب كله لأحمد الصويلح الذي تخلت عنه آلهة الحرب ولم تدافع عنه.. ألا تسمع يا تموز صوت الربابة..!؟.. ألا يقشعر جلدك لنشازها في مخافر الحروب.. ألم تهزك طلاسم دابادا وصرختها في هذا الفراغ المملوء أو المملوء الفارغ ـ لا فرق ـ.. لأن العالم، وكما يقول إبراهيم: "لم تعد له القدرة على فهم الحقيقة.. بل لم تعد له القدرة على التمييز..".
هذان الكائنان اللذان أقلقتهما أسرار تلك السراديب هناك.. في آشور.. آشور التي اتكأت على جسدي حسن مطلك وإبراهيم حسن كي لا تهوي في النهر.. آشور التي نادت بهما ليغطيا الهوة والمسافة الشاسعة بين قرية مثل سديرة وبينها وبكل قصورها وخرابها وعبق بخور معابدها التي امتلأت رئاتهما به ليكون زفير حسن مطلك (با .. دا .. با..) لأن دابادا كانت هلوسة صعقة التلاحم بين آلهة آشور وبين كائن نحيف عظيم اسمه حسن مطلك.. فأدرك حسن، في حينها، أن الملوك مكهربون بسلك حار فقط.. ومنذ ذلك الحين بدأ يفكر بشاهين.. شاهين النهر.. شاهين الطفل.
أما إبراهيم.. فقبل أن يلتقي بالإله (آنو) صادفته عشتار عند سنابل الحنطة، هناك مع إيمان، فكان الخمر فضياً والسمر قروياً والعشق سرمدياً.. وفي حينها كان يجلس معها ببدلته الخاكي وبسطاله العسكري ومزة الكأس كانت حلوى اتحاد نساء نينوى.
حسن مطلك.. لماذا تموت؟!.. إبراهيم.. لمَ لم تكمل أكل الحلوى؟ لماذا تموت على أسوار بابل تاركاً آشور بلا متكأ!.. يجب أن يُعاقَب الموت ويُنحر كالخروف الآن.. الآن.. فداءً لطلسم دابادا وعلى شواطئ دجلة لتكون شواطئ دم وملح.. الآن.. من ذا الذي يمنعكِ من التهاوي في النهر يا آشور؟.. هل استبدلتيهما بمكحول.. نعم.. حقاً.. حقاً.. إني أرى التعب في وجهك يا مكحول.. إياك.. إياك السقوط.. إياك التهاوي.. فإذا تعبت كثيراً توسد دجلة فإنها امرأة مكابرة وهادرة ومهادنة للقلعة باحترام دائم وعجيب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*نشرت في جريدة (الفيصل) الصادرة في مدينة كركوك 2003م.
**موسى الحوري: كاتب عراقي.

ليست هناك تعليقات: