14‏/05‏/2016

عن حسن مطلك / مايا أحمد

.. إنها مايا المجنونة!
مايا أحمد
سألني صديق: ماذا تريدين مستقبلا؟
أجبت دونما كثير من التفكير: أن أزور العراق!
وبفضول عاد ليسأل: لم العراق بالتحديد؟
.. ولأنني أعلم أنه لا يعرف شيئاً عن مجال الغناء (لأنه يكرهه!) أجبت: حبيبي كاظم من العراق. وأرسلت له صورته، فقال لي: كنت أسمع باسمه لكن هذه أول مرة أراه فيها (تخيل)!
ربما لو أنني أخبرته باسم حبيبي الحقيقي لاستطاع التعرف عليه بسهولة من خلال منشوراتي والكتب التي أهتم بقرائتها ولقال لي حتما: "أنت مجنونة!". كأنني لم أسمع هذا النعت من قبل، لكن وقتها كنت لأجيبه بكلمات حبيبي العراقي:
"أيتها المجنونة التي جعلتني ملِكاً على المجانين، يا مصدر إبداعي وقلقي، ومقياس رجولتي وأملي، أحلامي كلها فيكِ ولكِ. أيتها اللعينة التي تجعلني أسقط باكيا على صدرها، التي تعيد إلي طفولتي دائماً".
صدقني لو كنت أؤمن بالحياة السابقة أو بالأسطورة التي تقول أن أرواحنا تسكن عدة أجساد، لقلت أنني أنا هي (هدى حسن) نفسها التي كتب لها وعنها هذه الكلمات، لأنها تشبهني إلى حد بعيد، وحسن هو نفسه الرجل الذي لطالما حلمتُ به، وكنت أقول قبل لقياه في روايتك: أنه لا يسكن إلا أحلامي.
حسن الرجل ذو الوعي، الذي يُقدر الأنثى ويراها على أنها روح وكيان وفكر قبل أن تكون جسداً أو أداة جنسية، حسن الرجل الذي ليس كباقي الرجال الشرقيين، الرجل الذي يستوعب أن هناك من الإناث من هن غير قابلات للتدجين، فيتفهم طيشها، نزقها، مزاجيتها، اعتدادها بنفسها.. حسن الرجل الذي لا يخجل من أن يعترف بحاجته للأنثى.. لحضنها.. لدفء مشاعرها واحتوائها لضعفه، حسن الذي يتحول إلى مجنون عندما يحب، والذي يدرك أن العلاقة الصحية اختيار، وأنه حين نحب، نحب دون تنازل ولا إذلال، نحب بكرامة محفوظة... إنه حسن المفتون بالفلسفة والذي شاركني وشاركته الشغف بكتابات الفيلسوف نفسه (نيتشه)، حسن هو حسن.. رجل محال أن يتكرر في الزمن مرتين (أقولها ببالغ الأسف).
ولا يمكنك أن تتصور مدى الخيبة التي عصفت بقلبي حين اكتشفت أن الرجل الذي أحبه فعلاً، كان موجوداً في هذا العالم، غير أنه استشهد بخمس سنوات قبل ولادتي! فأي حظ هذا الذي جعلني آخذ "بدل الطق طقتين"! الأولى اكتشافي أن هناك في العالم رجل يشبه ذاك الذي يسكن في عالمي أنا، والثانية أنه، ببساطة، قد رَحل عن عالمنا!!
آه، لو أمكنك أن ترى حالتي بعد اكتشافي لاستشهاده.. لدرجة أن صديقتي استهزئت مني قائلة:
ــــ "أيعقل أن تقيمي حداداً على رجل توفي منذ أكثر من خمسة وعشرين سنة!"
ـــ أجل، أجل إنها مايا المجنونة!

                                                       *مايا أحمد: كاتبة من المغرب.

ليست هناك تعليقات: