23‏/03‏/2013

كتاب جميل من صاحب الرواية الشهيرة دابادا / مي أحمد


كتاب جميل من صاحب الرواية الشهيرة دابادا
مي أحمد
فيه تجربتا حب رئيسيتين خاضهما الكاتب وأثرت في حياته وفي نتاجه الكتابي. ينقسم الكتاب إلى قسمين، الأول تحت عنوان (ظل الباشق على الأرض) ويحكي فيه عن تجربة الحب الفاشلة لزميلة له في الدراسة والتي استمد من علاقته بها شخصياته وأبرزهن (عزيزة/ دابادا) والقسم الثاني يحمل عنوان (ظل القمر على الأرض) وقد كتب فيه عن تجربة حبه الثانية والتي كانت لهدى المعلمة التي عمل معها في إحدى المدارس في إحدى القرى.
الملاحظ على ظل الباشق والموجه إلى الحبيبة الأولى لغة بالغة الحزن، ربما لأن تلك التجربة لم يكتب لها النجاح فقد تزوجت الحبيبة صديقه الحميم، والباشق كما يقول مقدم الكتاب يشير إلى التحويم ومحاولة الإنقضاض ويبدو أن ذلك إشارة واضحة إلى عدم استقرار تلك العلاقة والتي أثرت في مطلك وكان لها أثرا في كتاباته.
ظل القمر هو مرحلة السلام والطمأنينة، رسائل بالغة الرقة والحنان، تلك التي كتبت لهدى.. إنها نهر من الإنتظار والشوق واللهفة والغيرة .. عذوبة خالصة في الوصف وبأرق الألفاظ ، مثل:
كنتُ أندهش في كل لحظة تسقط عيناكِ عليّ
إنها ترتاح لأنني أريد لها أن ترتاح.
لا تفسير لهذه الحالة..
أسمع القلب يعصر نفسه.
أسمعه يقفز إلى الجانب الأيمن.
ـيهرب إليها والكلام لا يكفي لأنك.. فوق كل ما يقال
بيضاء كالطحين
بيضاء كالسماء القائضة وقت الظهيرة.
بيضاء كحبات اللؤلؤ
بيضاء كأسنان الطفل
بيضاء كضوء العينين لحظة الشوق
تكونين ذهبية أحيانا
ليس بلون الذهب
تكونين برتقالية أحيانا
ليس بلون البرتقال
تكونين لونا لا أعرفه
(بنزرقي أو حشيشي )!
بلون التسلل إلى الضفة المقابلة ليلا
بلون الجنّة
مشتهاة كالصحراء للبرق
للبرق البرق البرق
لا أدري أتمنى لو أموت في لحظة القبلة
أو في لحظة العناق
إنه جزء صغير من إعترافي

إن هذه الأنثى التي عرفها حسن مطلك قلبت موازين الكثير من الأمور في حياته .. ألا يكفي أنه كتب لها :
سأكون أفضل لأنك.. حبيبتي
سأحارب كل الناس لأجلك
سأكون جميلا ومهذبا لأنك حبيبتي
إنكِ تمنحيني الحياة كما يمنح الثقب للعصفور فكرة بناء العش !
لم يكن مطلك يعرف حالة وسطية في علاقته مع المحبوبة، فهو يعترف أنه يتحول إلى مجنون في الحب، ولا أظن أن أي رجل الآن لديه جرأة بمثل هذه الاعترافات.. الاعتراف بجنون الحب، هذا الجنون اللذيذ إن كان كجنون مطلك بهدى تلك المرأة التي كتب لها أنه كان يعتقد أنه ميت المشاعر لكنه الآن يرتجف وقت اللقاء ويرتجف حين يكتب لها: (أنا الرجل أبكي الآن)!. 
كما إن تلك الأنثى جعلته يبرز رأيه المناصر للمرأة إذ يقول، أنه يشعر بالذنب لكل خطايا الرجال ضد المرأة على مدار التاريخ الإنساني: (أنا مذنب لأنني رجل).. موقف تتضح فيه عظمة هذا الإنسان، وهذا التجلي لا شك لم يكن فقط صنعة الحب ،ولكن لأن مطلك كان متفرداً... كان شخصاً متميزاً مختلفاً، وكان هو نفسه يشعر بأنه كذلك منذ طفولته، وأنا كقارئة شعرت بذلك بعد قراءتي لهذا الكتاب .
يحتوي الكتاب أيضا بعض رسائل هدى لمطلك، وهي رسائلها التي كتبتها بعد أن انتقلت إلى مكان آخر، أسلوبها طفولي نوعا ما . ويبدو أن في هذه الفترة قد بهتت تلك العلاقة بسبب وقوف الكثيرين ضدها، كما يحتوي الكتاب (قصة عادية) وهي رسالة كتبها مطلك إلى أحد أصدقاءه يغلب عليها طابع الحدة ويشرح فيها الضغوط التي يواجهها بسبب علاقته مع هدى ..
الكتاب مفعم بكلمات الحب للكتابة للأدب للأنثى التي أحبها.. كتاب لا يمكنك أن تخرج منه إلا باحترام شديد لهذا الكاتب الذي لم يمهله القدر طويلاً فقُتل بقرار ظالم من صدام حسين وهو لم يكمل التاسعة والعشرين من العمر على إثر محاول إنقلابية قام بها هو ومجموعة من الضباط، فتم إعدامه عام 1990 .
كتاب الحب لحسن مطلك.. هو كتاب رقيق وآسر.
---------------------------------------------
*نشر في موقع (Goodread) بتاريخ 12/11/2011م

ليست هناك تعليقات: