كتابٌ يُقرأ لمرات.. مدهش
ولا يُنسى
صالحة حسن
(كتاب الحب.. ظِلالهن على الأرض) هو كتابٌ عن
الحب أولا وعن الإنسان والفكرة.. وهو أيضاً، وبلا شك، عن حسن مطلك أولا وأخيرا.. شخصٌ
يدرك نفسه جيداً.. ويدرك لحظات الارتباكات والتعثر.. ويدرك إلى أين يريد أن يصل في
الحب والحياة وكيف أنهما لا ينفصلان عن بعضهما ولا يتنازل أي منهما للآخر.. وهو ما
يتوصل إليه الإنسان بعد رحلة تعب ونبش طويلة داخل الذات.. المليئة بالأشواك
والمؤثرات الداخلية والخارجية معاً.
هو هنا كيانٌ وزع على لفظات وانفعالات وكلمات..
على مرحلتين.. أحببت في الأولى الموضوعية في التحليل والتأمل والتناول مع غرابة اللفظة
واستخدام المركب المختلف منها وأسرني في الجزء الثاني من الكتاب ذلك الحب الكامل بالعواطف
وليس بالظروف وهو ما يكتشفه القارىء... هدى في حسن مطلك كانت الأنثى مجردة من أي شيء
آخر.. كيان حر له وعليه.. الرسائل كانت مفعمة لأبعد حد بالصدق، بالنزق، بالثورة، بالوفاء،
بالاحباط، بالتوهج، بالغضب.. وغيرها مما فرضه الحب على مطلك في تلك المرحلة.
لفت انتباهي أيضا ادراج رسائل هدى إلى مطلك..
وكيف أنه استطاع أن يحيلها إلى كيان مشبوب بالعاطفة..العميقة .. كما أوجعتني بحق رسالتها
الأخيرة إلى دكتور محسن الرملي بعد أن استوعبت فاجعة إعدام حسن وأنه اخيرا انتهى للعدم
الذي لا عودة بعده .
لغة حسن مطلك متقنه وتميل إلى عرض العادي
بطريقة مؤثرة تماماً كما عبر عن ذلك في إحدى رسائله لهدى قائلاً: "وأنت منذ التقيتك
تتحدثين بلغة الأشياء الميته، لغة الناس الذين لم يتعبوا كما تعبت، تقولين مثلاً: "أن
للكرسي أربعة أرجل أو تقولين مثلاً بأنك ذهبت إلى السوق بالسيارة، وبعد؟.. لا بأس،
ولكن حدثيني عن الكرسي والسيارة بطريقة مختلفة".
هناك نقطة افتقدتها في الكتاب، الوضع المحيط
بمطلك لم يكن واضحاً.. وأعني ما كانت تمر به المنطقة سياسياً واقليمياً لم ينعكس على
الرسائل سواء في الجزء الأول منه وهو يسرد تحركاته وتأملاته أو في الجزء الثاني الذي
جالت فيه الرسائل أغلب الأمور إلا هذه الأراء.. التي أتوقع أن مطلك كان من أكبر الساخطين
عليها وهو ما أدى به إلى ذلك الإعدام الغادر.
أخيرا هو كتابٌ يُقرأ لمرات، كلما شعرت بأنك
قد اختنقت من كمية قراءات دسمة.. إنه مدهش ولا يُنسى.
----------------------------------
*صالحة عبيد حسن: كاتبة إماراتية، من
أعمالها: (زهايمر) و(ساعي السعادة).
**نشر في موقع (Goodread) بتاريخ 1/10/2012م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق