27‏/07‏/2025

قصائد حسن مطلك

 

قصائد حسن مطلك

 

-١-

سأموت في الثلاثين

-٢-

كل شي
ء يضحك

البيوت

الدروب

الخبازات

والذين سحبوا بقراتهم من النوم

كل شيء يضحك

الكلاب

نباتات الشوك

الأعشاب الميتة

والرجل الغريب الذي نام خجلا بفضل التكرار

-٣-

لا شيء

تموت المساءات وتحل اخرى مكانها

-٤-

أحيانا

أحيانا كثيرة

يخلعن للقمر كل ما يلامس أجسادهن

ثم

يضعن الصحن

كي يضيء الحنين

-٥-

الدم

دمي أنا

دم الأسماء

دم الحمار

دم الخشب

كل ذلك،، دم الخريف

-٦-

لست شجاعا

عندما أصغي لطفل جائع

يأكل أصابعه

بينما يفتح الطريق أسئلة الغرباء عن اثار مخالب الثعلب في ليل الأمهات

-٧-

جرب

جرب مرة واحدة

ان تتكلم مع البط

-٨-

هل أذهب، أنا الدليل الذي لا يؤجل عمله في هذا التيه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*النصوص جمعها واختارها الشاعر مهدي النفري، من أعمال حسن مطلك.

21‏/07‏/2025

حسن مطلك /بيت الخيال/ كمال الرياحي

 

لوركا العراقي

الأديب الشهيد

حسن مطلك

كمال الرياحي

18جويليه/ يوليو/ تموز؛ في مثل هذا اليوم أُعدِم الكاتب الكبير حسن مطلك، وفي هذه الذكرى الأليمة، وبعد أن نترحم عليه جميعاً، يقدم لكم (بيت الخيال) هذه الحلقة، وهذه الشهادات من أصدقائه وعائلته ومن القراء والكتاب الذين أحبوه.. عاش حسن.. عاش المبدع الفذ، وشكراً لكل من شارك في هذه الحلقة من الكتاب والفنانين، الأساتذة: كريم شعلان، زهير كريم، عبدالهادي سعدون، جبار الجنابي، إبراهيم فرغلي، مؤمن الوزان، علي ريسان، حسين العنكود، هادي الحسيني ومحسن الرملي

مقطع من التقديم

الحلقة كاملة:

https://www.youtube.com/watch?v=1FQu5IXm9Gw

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

24 يونيو/جوان/حزيران 2025م

شرعتُ في تسجيل حلقة من برنامجي على اليوتيوب. كانت الحلقة عن الأديب الشهيد حسن مطلك Hassan Mutlak لتبث بمناسبة ذكرى إعدامه يوم 18جويلية يوليو 2025م.

أنهيت التسجيل وقمت بمونتاج الحلقة، تحدثتُ قليلاً مع شقيق الفقيد: الصديق الروائي محسن الرملي من مدريد. وشارك في الحلقة عدد كبير من المبدعين العرب... كانت حلقة عاطفية. أنا أحب حسن مطلك الذي أعدمه، بلا رحمة صدام حسين، بتهمة المشاركة في انقلاب، لذلك؛ أنا لا أغفر أبداً لصدام حسين، ومن يغفر لمن يقتل شاعراً ورساماً!؟

كان حسن مطلك كاتب يوميات رهيب. خصصتُ له قسماً من كتابي النقدي (فن اليوميات) الذي أنهيته منذ أشهر. كنت درَّسته أيضاً في جامعة تورنتو.

 

كان حسن مشروع كاتب عظيم أعدمه طاغيةً وحرم العالم من صوته.

لكن هيهات ان يموت الكاتب!

ها هو خالد، وها أنا أُنجز برنامجاً عنه وأُحدث العالم عن أدبه... كانت روايته (دابادا) نصاً عجيباً، ولكن حياة حسن كانت أكثر عجباً. كان ثائراً ورومنسياً حقيقياً، يحلم بتغيير شامل للواقع السياسي والواقع الأدبي والواقع الفني والواقع النقدي.

يكتب كأنه يجترح العالم لأول مرة. يُدرب الجُملة على ألا تكون مجرد جُملة، ويُدور الحرف لينحرف على الخطوط المستقيمة، ليكتب أدباً مستقيلاً من تدوير الذي قيل.

(دابادا) رواية مُزعجة، إما أن تُحبها أو تكرهها، إما أن تحضنها أو ترميها، وهكذا هو حسن مطلك.. قصووي في كل شيء، ولا يتحدث الا لكي ينفذ، عنيد حد الذهاب رأساً، حاملاً رأسه بين يديه إلى المشنقة.

شاهدوا حلقة (لوركا العراقي حسن مطلك) على قناة (بيت الخيال)، على هذا الرابط:

https://www.youtube.com/watch?v=1FQu5IXm9Gw

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

7جويليه/يوليو

كنت انتهي من إعداد حلقة خاصة من (بيت الخيال) على قناتي في اليوتيوب عن الكاتب العراقي حسن مطلك.. الكاتب الذي أعدمه صدام حسين شنقا سنة 1990 بتهمة المشاركة في محاولة لقلب نظام الحكم. كنت أعد الحلقة لأعرضها يوم 18يوليو بمناسبة الذكري الخامسة والثلاثين لإعدامه، عندما فتحت كتاب اعترافات تولستوي وأخذت أتصفح فصله الأول، لأقرأ هذه الفقرة.. كأنما كان تولستوي يتابع ما كنتُ أفعل وأعد:

"وفي أثناء إقامتي في باريس أظهر لي منظر إعدام أحد المجرمين ضعف اعتقادي الوهمي بالتقدم. لأنني عندما رأيت رأس الرجل يطير عن جثته، وسمعت الصوت الذي أحدثه سقوط رأسه وجثته في الصندوق المعد لهما، أدركت بكلية كياني، وليس بفكري فقط، أنه ما من نظرية بحكمة جميع النظم الموضوعة، والعقائد المقررة القائلة بالتقدم والارتقاء، تستطيع أن تبرر هذا العمل الفظيع وأدركت أيضاً في أعماق قلبي أنه، ولو أجمعت كلمة كل أبناء الإنسان منذ الخليقة إلى الآن أن مثل هذا العمل ضروري للتقدم فإني أعرف كل المعرفة، أنه غير ضروري، وأنه عمل رديء بذاته ولذلك يجب علي أن أحكم على ما هو حق وضروري، ليس بما قاله الناس وفعلوه، ولا بما رتبوه من النظم للتقدم، بل بما أشعر بصوابه في أعماق قلبي ."

ما قاله تولستوي طمأنني، فلطالما خرج عليّ بعض الصداميين مبررين ما فعله بالشاعر والروائي كلما تحدثت عن حسن مطلك. فصدام كسب شعبية مضاعفة عند الحشود عندما شنق ولكن هذه الحشود تُحلل شنقه للآلاف بمن فيهم شاعر ورسام اسمه حسن مطلك.

تولستوي حسم الأمر معي؛ وأنه لا مُبرر لإعدام أي شخص مهما كان جرمه. حسن ليس مُجرماً وحتى لو شارك فعلاً في تلك المحاولة للتغيير، فإن دافعه الأساسي ليس الوصول للحكم، بل غايته تغيير وضعية الإنسان والبحث عن العدالة... كان حسن رومانسيًا بالمعنى العميق للكلمة. كان يحلم كدون كيخوته بكل الطرق لاستعادة القيم الضائعة.

كان تولستوي في ذلك الكتاب يعترف فعلا بأنه كان مزرياً وفاسقاً وكان قاتلاً وكان سيئاً، وانه ما جاء إلى الكتابة إلا بحثاً عن المال والشهرة.

تجعلنا قراءة هذا الكتاب في مأزق سؤال ثقيل: ماذا يعني أن نكتب سيرنا عربيا؟ ماذا يعني أن نكتب ذواتنا؟ هل فعلا نحن مستعدون لذلك؟ مستعدون لذلك الاعتراف وحالة التجلي التي تحتاجها تلك الكتابة؟ هل ونحن ندون يومياتنا نسجلها فعلا أم نُزوّرها لتترسخ في أذهاننا قبل الآخرين كحقيقة بديلة عن المعاش؟ هل ونحن نكتب هذه اليوميات نفعل شيئا آخر، غير إعدام ذلك الشخص الذي طار رأسه أمام تولستوي ليسقط في الصندوق؟!

مهما توهمنا أننا صادقين في تسجيلنا لحيواتنا، يتسرب الكذب على شكل وهم. لا يمكننا صده.

أفكر جيدا في مفهوم الإنسان نفسه فأجد الخيال، الكلمة الراقية المعادلة للكذب، يشكل جزءا مهما من هويته. وهنا يأخذ مفهوم الصدق في الكتابة عن الذات معنى آخر، فلا تتشكل الذات فعليا وبشكل صادق إلا من خلال التخييل، ذلك الكذب، فنحن أصدق عندما نكذب.. يا لهذه المفارقة!

لقد توغل حسن مطلك في التخييل حتى التماهي معه، لذلك هجم على طواحين الريح برمح مهشم وحصان هزيل. سقط دون كيخوته في آخر الرواية قتيلاً وسقط حسن في النهاية قتيلاً.

مصير واحد للحالم ولرجل الخيال.

كذلك سقط تولستوي آخر حياته على سكة الحديد، هارباً من بيته ومن العالم كله.

عندما فكرتُ لماذا أهتم بحسن مطلك منذ سنوات. صادفتني أيضاً عبارة لتولستوي قالها عندما مات دوستويفسكي: "لم أرَ هذا الرجل قط، ولم تكن لي أي علاقة مباشرة معه، وفجأة عندما مات أدركتُ أنه كان الرجل الأقرب والأعز والأكثر ضرورة بالنسبة لي ".

*نشاهد الحلقة على هذا الرابط:

https://www.youtube.com/watch?v=1FQu5IXm9Gw

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

19‏/07‏/2025

في ذكرى حسن مطلك / جُمار

 

حسن مطلك في ذكرى رحيله

عن مقاومة السلطات بالفن والكتابة والروح.. 

جُمّار

في قرية صغيرة، اكتشف طفلٌ موهبته في الرسم، ورغم رفض مجتمعه، صار يعبر عن أفكاره بالقصص والرسوم الساخرة. تمرد على محيطه وعلى السلطات، حتى أعدم وهو في التاسعة والعشرين من عمره.

هنا سيرة حسن مطلك، الأديب والفنان، الذي قارع "البَطح الاجتماعي" والسُلطات بالفن والكتابة.. والروح..

وُلد حسن مطلك عام 1961، في قرية سديرة التابعة لقضاء الشرقاط شمالي العراق، لأسرة متدينة ومحافظة، في بيئة لا تعرف الفن، ولا تقبله، وسرعان ما اصطدم بواقعه حين اكتشف موهبته الفنية مبكراً، وهو في الصف الرابع الابتدائي، عندما كلّفه معلمه برسم لوحة عن "الراعي".

لم يرَ في المهمة واجباً فقط، فانطلق إلى البراري يرسم الغنم بإبداع طفولي مدهش، فمنحه المعلم أول علبة ألوان في حياته، ومن هناك كانت اللوحة الأولى.

رسم بكل ما توفر له من أدوات، حتى حين حُرِم من الورق، راح يرسم على الجدران وأغلفة الكتب والأرض. واجه رفضاً شديداً من أسرته ومجتمعه، لم يتراجع، بل أصرّ على طريق الفن، حتى أقام أول معرض تشكيلي له وهو مراهق في إعدادية الشرقاط عام 1975، ونال عنه جوائز من مديرية التربية.

التمرد يكمن في اللحظة التي يكتشف الفنان فيها جمال الشيء، فينقله بأي أداة بصرية أم صوتية أم حركية، لا بالصورة التي تسبق الاكتشاف، بل بالصورة التي تأتي بعده.

حسن مطلك رغب بدراسة الفن أكاديمياً، لكن عائلته حالت دون ذلك، فالتحق بقسم علم النفس في جامعة الموصل عام 1979، معتقداً أن هذا التخصص سيساعده في فهم النفس الإنسانية، وتعميق رؤيته الفنية والأدبية. في الموصل تفتّحت مواهبه في الكتابة والرسم، وأقام معارض كاريكاتير ساخرة وقاسية، وبدأ ينشر قصصه في الصحف المحلية، فظهرت لغته المختلفة، وتمرده المبكر، وآمن دائماً أن "بالحلم يَتَجَدَّد كل شيء".

في الجامعة، أصدر مع زملائه مجلة "المُربّي"، وكتب فيها نصوصاً أدبية ونقدية تعكس رؤاه في الفن والتصوف والجمال، ووقّع رسوماته الكاريكاتيرية باسمٍ مقلوب ساخر "نسح كلطم ناظور". كتب قصصاً، واشتغل بمشروعه الروائي الأول "دابادا" سنوات، وأصدره لاحقاً في بيروت على نفقته الخاصة، بعد أن رفضت المؤسسات العراقية نشره.

"أغار على وطني.. الذي كُلما قارنتُ أدبه بآداب الشعوب اكتأبتُ.. ودفعني ذلك للقراءة والكتابة.. وستبقى تلك الغيرة تنهشني حتى أحقق ما يحققه كاتبٌ عظيم لوطنه.. أو أهلك دون هذا الأمر".

حسن مطلك

"قريبة هي الساعة التي سأقول فيها لكل شيء: وداعاً"

عند تخرجه عام 1983، سِيق إلى الخدمة العسكرية خلال الحرب العراقية الإيرانية، فعاش في الجبهات سنواتٍ من القصف والموت والخذلان، ورفض عروضاً لتسهيل خدمته مقابل تمجيد النظام أو رسم صورة للديكتاتور.

ظل صامداً ومتمرداً، حتى اشترك عام 1990 في محاولة انقلابية ضد النظام الحاكم. فشل الانقلاب، واعتقلته السلطات في 7 كانون الثاني 1990، وعذّبته أشهراً، ثم أعدمته شنقاً في محكمة الثورة دون محاكمة عادلة، يوم 18 تموز عام 1990.

ترك أثراً بالغاً في الأدب العراقي، رغم حياته القصيرة، بروحه القلقة، ولغته الفريدة، وتمرده الدائم على السلطة والقوالب. بعد رحيله نشر شقيقه الأصغر، محسن الرملي، رواياته ومقالاته وأعماله الفنية، لتبقى شاهدة على فنانٍ لم يخُن إيمانه بالجمال والحرية.

ولشدة توقه للحرية وشدة حبه لوطنه، كُتب على شاهدة قبره، عباراته: "أغار على وطني… اشتقتُ إلى الحرية من أجل الذود عن الحرية".

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*نشر في مواقع وصفحات منصة (جُمار) بتاريخ 18/7/2025م 

https://jummar.media/

https://www.facebook.com/photo?fbid=722686337230342&set=a.122371073928541

*ونشر في منصة: مدار 24

https://madaar24.com/?p=12290