21‏/07‏/2025

حسن مطلك /بيت الخيال/ كمال الرياحي

 

لوركا العراقي

الأديب الشهيد

حسن مطلك

كمال الرياحي

18جويليه/ يوليو/ تموز؛ في مثل هذا اليوم أُعدِم الكاتب الكبير حسن مطلك، وفي هذه الذكرى الأليمة، وبعد أن نترحم عليه جميعاً، يقدم لكم (بيت الخيال) هذه الحلقة، وهذه الشهادات من أصدقائه وعائلته ومن القراء والكتاب الذين أحبوه.. عاش حسن.. عاش المبدع الفذ، وشكراً لكل من شارك في هذه الحلقة من الكتاب والفنانين، الأساتذة: كريم شعلان، زهير كريم، عبدالهادي سعدون، جبار الجنابي، إبراهيم فرغلي، مؤمن الوزان، علي ريسان، حسين العنكود، هادي الحسيني ومحسن الرملي

مقطع من التقديم

الحلقة كاملة:

https://www.youtube.com/watch?v=1FQu5IXm9Gw

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

24 يونيو/جوان/حزيران 2025م

شرعتُ في تسجيل حلقة من برنامجي على اليوتيوب. كانت الحلقة عن الأديب الشهيد حسن مطلك Hassan Mutlak لتبث بمناسبة ذكرى إعدامه يوم 18جويلية يوليو 2025م.

أنهيت التسجيل وقمت بمونتاج الحلقة، تحدثتُ قليلاً مع شقيق الفقيد: الصديق الروائي محسن الرملي من مدريد. وشارك في الحلقة عدد كبير من المبدعين العرب... كانت حلقة عاطفية. أنا أحب حسن مطلك الذي أعدمه، بلا رحمة صدام حسين، بتهمة المشاركة في انقلاب، لذلك؛ أنا لا أغفر أبداً لصدام حسين، ومن يغفر لمن يقتل شاعراً ورساماً!؟

كان حسن مطلك كاتب يوميات رهيب. خصصتُ له قسماً من كتابي النقدي (فن اليوميات) الذي أنهيته منذ أشهر. كنت درَّسته أيضاً في جامعة تورنتو.

 

كان حسن مشروع كاتب عظيم أعدمه طاغيةً وحرم العالم من صوته.

لكن هيهات ان يموت الكاتب!

ها هو خالد، وها أنا أُنجز برنامجاً عنه وأُحدث العالم عن أدبه... كانت روايته (دابادا) نصاً عجيباً، ولكن حياة حسن كانت أكثر عجباً. كان ثائراً ورومنسياً حقيقياً، يحلم بتغيير شامل للواقع السياسي والواقع الأدبي والواقع الفني والواقع النقدي.

يكتب كأنه يجترح العالم لأول مرة. يُدرب الجُملة على ألا تكون مجرد جُملة، ويُدور الحرف لينحرف على الخطوط المستقيمة، ليكتب أدباً مستقيلاً من تدوير الذي قيل.

(دابادا) رواية مُزعجة، إما أن تُحبها أو تكرهها، إما أن تحضنها أو ترميها، وهكذا هو حسن مطلك.. قصووي في كل شيء، ولا يتحدث الا لكي ينفذ، عنيد حد الذهاب رأساً، حاملاً رأسه بين يديه إلى المشنقة.

شاهدوا حلقة (لوركا العراقي حسن مطلك) على قناة (بيت الخيال)، على هذا الرابط:

https://www.youtube.com/watch?v=1FQu5IXm9Gw

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

7جويليه/يوليو

كنت انتهي من إعداد حلقة خاصة من (بيت الخيال) على قناتي في اليوتيوب عن الكاتب العراقي حسن مطلك.. الكاتب الذي أعدمه صدام حسين شنقا سنة 1990 بتهمة المشاركة في محاولة لقلب نظام الحكم. كنت أعد الحلقة لأعرضها يوم 18يوليو بمناسبة الذكري الخامسة والثلاثين لإعدامه، عندما فتحت كتاب اعترافات تولستوي وأخذت أتصفح فصله الأول، لأقرأ هذه الفقرة.. كأنما كان تولستوي يتابع ما كنتُ أفعل وأعد:

"وفي أثناء إقامتي في باريس أظهر لي منظر إعدام أحد المجرمين ضعف اعتقادي الوهمي بالتقدم. لأنني عندما رأيت رأس الرجل يطير عن جثته، وسمعت الصوت الذي أحدثه سقوط رأسه وجثته في الصندوق المعد لهما، أدركت بكلية كياني، وليس بفكري فقط، أنه ما من نظرية بحكمة جميع النظم الموضوعة، والعقائد المقررة القائلة بالتقدم والارتقاء، تستطيع أن تبرر هذا العمل الفظيع وأدركت أيضاً في أعماق قلبي أنه، ولو أجمعت كلمة كل أبناء الإنسان منذ الخليقة إلى الآن أن مثل هذا العمل ضروري للتقدم فإني أعرف كل المعرفة، أنه غير ضروري، وأنه عمل رديء بذاته ولذلك يجب علي أن أحكم على ما هو حق وضروري، ليس بما قاله الناس وفعلوه، ولا بما رتبوه من النظم للتقدم، بل بما أشعر بصوابه في أعماق قلبي ."

ما قاله تولستوي طمأنني، فلطالما خرج عليّ بعض الصداميين مبررين ما فعله بالشاعر والروائي كلما تحدثت عن حسن مطلك. فصدام كسب شعبية مضاعفة عند الحشود عندما شنق ولكن هذه الحشود تُحلل شنقه للآلاف بمن فيهم شاعر ورسام اسمه حسن مطلك.

تولستوي حسم الأمر معي؛ وأنه لا مُبرر لإعدام أي شخص مهما كان جرمه. حسن ليس مُجرماً وحتى لو شارك فعلاً في تلك المحاولة للتغيير، فإن دافعه الأساسي ليس الوصول للحكم، بل غايته تغيير وضعية الإنسان والبحث عن العدالة... كان حسن رومانسيًا بالمعنى العميق للكلمة. كان يحلم كدون كيخوته بكل الطرق لاستعادة القيم الضائعة.

كان تولستوي في ذلك الكتاب يعترف فعلا بأنه كان مزرياً وفاسقاً وكان قاتلاً وكان سيئاً، وانه ما جاء إلى الكتابة إلا بحثاً عن المال والشهرة.

تجعلنا قراءة هذا الكتاب في مأزق سؤال ثقيل: ماذا يعني أن نكتب سيرنا عربيا؟ ماذا يعني أن نكتب ذواتنا؟ هل فعلا نحن مستعدون لذلك؟ مستعدون لذلك الاعتراف وحالة التجلي التي تحتاجها تلك الكتابة؟ هل ونحن ندون يومياتنا نسجلها فعلا أم نُزوّرها لتترسخ في أذهاننا قبل الآخرين كحقيقة بديلة عن المعاش؟ هل ونحن نكتب هذه اليوميات نفعل شيئا آخر، غير إعدام ذلك الشخص الذي طار رأسه أمام تولستوي ليسقط في الصندوق؟!

مهما توهمنا أننا صادقين في تسجيلنا لحيواتنا، يتسرب الكذب على شكل وهم. لا يمكننا صده.

أفكر جيدا في مفهوم الإنسان نفسه فأجد الخيال، الكلمة الراقية المعادلة للكذب، يشكل جزءا مهما من هويته. وهنا يأخذ مفهوم الصدق في الكتابة عن الذات معنى آخر، فلا تتشكل الذات فعليا وبشكل صادق إلا من خلال التخييل، ذلك الكذب، فنحن أصدق عندما نكذب.. يا لهذه المفارقة!

لقد توغل حسن مطلك في التخييل حتى التماهي معه، لذلك هجم على طواحين الريح برمح مهشم وحصان هزيل. سقط دون كيخوته في آخر الرواية قتيلاً وسقط حسن في النهاية قتيلاً.

مصير واحد للحالم ولرجل الخيال.

كذلك سقط تولستوي آخر حياته على سكة الحديد، هارباً من بيته ومن العالم كله.

عندما فكرتُ لماذا أهتم بحسن مطلك منذ سنوات. صادفتني أيضاً عبارة لتولستوي قالها عندما مات دوستويفسكي: "لم أرَ هذا الرجل قط، ولم تكن لي أي علاقة مباشرة معه، وفجأة عندما مات أدركتُ أنه كان الرجل الأقرب والأعز والأكثر ضرورة بالنسبة لي ".

*نشاهد الحلقة على هذا الرابط:

https://www.youtube.com/watch?v=1FQu5IXm9Gw

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

ليست هناك تعليقات: