حسن مطلك : الطريق الى العالمية في
كتابة الرواية العراقية
حسن الطائي
يتميز الإبداع الفني والشعري والفلسفي والروائي والقصصي، بميكانزميات البحث،
والاستقصاء في نتاجه الروائي، التي تمحورت عناوينه، وافكاره، وثيماته حول
الإنسان ككائن يقترن وجوده بمحيط ينعم بالحرية والاختيار، مع وضع محركات تأخذ
على عاتقها قراءة الآخر من خلال الانغماس، والتحليل، الذي يقدم صور متعددة
لعملية الصراع بين الانسان وعالمه، خاصة إذا ما كان من نمط لا يقبل التفكيك بين
الحرية والانتماء، وينطبق ذلك على حسن مطلك الذي يعد احد رموز كتاب الرواية
العراقية في الثمانينيات من القرن المنصرم، لتفرده بابتكارات لم يسبقه فيها احدا
في الأسلوب والمنهج والفكرة، وبناء عناصر الرواية، والقصة القصيرة، حيث يعتمد على
اليات الدور والمبادلة بين الحدث، والمكان والزمان والشكل، بالإضافة الى تجذير
الموقف الأخلاقي بصور تضع القارئ أمام تحدي النص الهادف الذي يضع الفن مقابل
الحرية والانعتاق من كل أشكال التوتوليتاريا التي استطاعت تجنيد الأقلام
(المريضة)، وممارسة التطبيل علي أنغام الموت.
وهذه الرواية عنيت لكاتبها الكثير، فهي عالمه المتجلي في الزمان، والمكان،
والصيرورة المحركة لفعل الأشياء، وعلاقة الإنسان بمحيطة المفعم بغريزة البقاء،
ووفرة المشاعر الدافئة التي يحب أصحابها البقاء دوما في عالمهم الطفولي البريء.
الرواية التي كتب عنها مشاهير النقاد العرب، كجبرا ابراهيم جبرا وغيرهم ممن
وجدوا فيها انجازا عراقيا يستحق الوقوف عنده
وحين صدورها لأول مرة تميزت ردود الأفعال نحوها حسب مستويات السائد في الساحة الثقافية العراقية، التي كانت تستنسخ رؤى الخطاب التعبوي الموجه سيما كتاب الصحف الرسمية ورؤساء "اتحاد الأدباء الشباب" في تلك الفترة، حيث كتب عنها محرر الصفحة الثقافية في صحيفة القادسية، ورئيس "اتحاد الادباء الشباب" في حينه (علي الشلاه) في العام ١٩٨٩ واصفا اياها بالناضجة، إلا انها محاولة في رسم طريق متفرد يغرد خارج السرب الذي لم يعتد الطيران بعد، وقد اعتبر الأسلوب الجديد في شكل وبناء الرواية جموحا اذا ما قيس بالنتاج الروائي السائد في تلك الفترة التي تستهلك أدب المعركة ومهرجانات (علي خط النار يابن أمي)؟ أما (عدنان الصائغ) الذي كان رئيس اتحاد الادباء الشباب، من عام ١٩٩٠ الي العام ١٩٩٢ فقد كان أكثر جرأة من سلفه، في دعوة الشهيد حسن مطلك في المشاركة في فعالية ثقافية لقراءة أحد أعماله القصصية التي عنوانها: "حسن أبجد هوز"، لغرض التنويع والابتعاد عن التكرار الممل للنتاج الثقافي العراقي الذي يعيد ويكرر مديح الدكتاتور، وجرائمه ضد العراق وشعوب المنطقة. قلب النظام مع عدم استنساخه
بعد خوض الكاتب الشهيد حسن مطلك تجارب الحرب المريرة التي زجه النظام فيها
عنوة حاله حال الكثير من الادباء والمثقفين الذين لهم موقف من النظام يضعهم في
حاله من الشك والمتابعة التي تنتهي بنهايات مأساوية، اقلها إرسالهم الى جبهات
القتال لغرض التخلص منهم باسم أداء واجب خدمة العلم، اما أقرانهم من الخريجين
الذين لهم ولاء مبالغ فيه لنظام المجرم صدام، فيحظون بدورات ضباط تدريبية خاصة،
يتم من خلالها إرسالهم الي مواقع خلفية وبرتبة ضباط مجندين أو يتم انتدابهم الي
دوائر التوجيه المعنوي، وصحف النظام الرسمية.
خطة التغيير
التجربة التي بلورت فكرة التخلص من رأس النظام، كانت تتمحور على خطة ناجحة
في الأداء، والتنفيذ، ومحكمة التصويب في نفس الوقت كون المنفذ من الدوائر
المقربة في أحزمة الحمايات الخاصة للرئيس صدام وهو النقيب سطم الغنام مع مجموعة
من الضباط الكبار من عشائر الجبور، حيث يستخدم الأسلوب الذي اغتيل فيه السادات
اثناء عرض عسكري. أكد الشهيد حسن مطلك عليهم انه يعمل على تأسيس رؤى جديدة في
حال نجاح المحاولة، وإشراك ضباط، وشخصيات من قبائل أخرى مخاطبا إياهم انه لا
يريد إبدال قبيلة حاكمة بقبيلة أخرى؟
وتم اشراك شخصيات من قبائل متعدد عربية وكردية بناء علي رغبته، إلا ان
المحاولة باءت بالفشل كغيرها من السابقة واللاحقة، وبقيت آثارها ممتدة في اعماق
ذوي ضحايا شهداء الموقف، والكلمة الحرة، كما عبر عن ذلك الدكتور محسن الرملي
شقيق المغدور الشهيد حسن مطلك في حوار معه عن أعمال ومواقف الشهيد حسن مطلك في
اذاعة لورا في زيورخ، الذي يتعرض نتاجه الأدبي والروائي للتهميش من قبل
المسئولين في وزارة الثقافة العراقية، ومسئولين اللجان الثقافية، والإعلامية في
البرلمان العراقي .
ووجه الرملي ندائه لهم بطباعة نتاجه الأدبي الذي يزداد الطلب عليه من أبناء
محافظة الموصل، ومحبي الأعمال القصصية والفنية، للكاتب الشهيد، سيما انه فنان
تشكيلي في بداياته الابداعية، ويمثل مرحلة ثقافية نقلت الأدب الروائي العراقي
الي العالمية بعدما حظيت أعماله باهتمام عالمي، كما ترجمت اعماله الي أكثر من
لغة عالمية.
|
*حسن الطائي: كاتب وصحفي عراقي يقيم في سويسرا.
*نشرت
في (بابنيوز) بتاريخ 20/2/2012م.
*وفي
(كتابات) بتاريخ 21/2/2012م.