مهدي النفري
-1-
الجمرة فوق جناحي الفراشة أتذكر جيدا في يوم ما سيأتي بأني كنت اراهن كثيرا على الماضي السحيق الذي لم يصل اليه احد / نعم انني ما زلت الشاهد الوحيد على ارجوانية الماء وقدح الفراغ وهو يمتلىء بكل اليقين / لست شيخا او حكيما كل ما اعرفه أنني طفل.
نعم ما زلت طفلا افكر كثيرا في كتابة اسمي بل اجزم انني ارسمه لاني لا اجيد الكتابه بين اربعة جدران وربما اكثر العدد، او قل ما اعرفه جيدا أن الارقام تعني لي اشواكاً زرعها الغير وعليّ جني الثمر / ولأنني اول حرف نطقته وأول همهمة خرجت بين شفتي (السؤال).
قال لي ابي (أرى ... ترى ... لا ترى ... الرؤيا...) وهو يهديني الهدية الاولى والاخيرة في حياتي حتى انه لم يشتر قط اي هدية في حياته لأحد لكنه فعلها معي ربما لأنني سيىء الحظ لدرجة أنني كلما رفعت رأسي لأرى هدب عيني وجدته ينفر مني بعيدا جدا ابعد من بصيرتي لي / اركنت هدية ابي الى قلبي. امسكت بالنبض ورزمت حلما طويلا فضفاضا كثوب يشبه الابدية وغموضها /
ما من مكان آمن لهذا المطر
ولا لتلك الشمعة وهي تجري خلف فراشة ميتة
كنت ارى الباب يقتطف منا حناجرنا / رأيتُ صمت امي وهو يصرخ من عباءتها
رأيت اغصان العزلة تشد اجنحة العصافير إليها
لكن لم اكتف بسقم اللغة ولا حتى اثر خطواتي وهي تنشد الافق موسما لها كالربيع
-2-
....................................................
نبوءات لم تدخل في اللوح المحفوظ
هناك كل شيء غامض
كل شيء واضح فقط للضرير
كل مرة اعانق الصباح
احتضنه مفلسا بعد صراع لم افكر في انهائه مع الليل
مهمتي انتهت
اعلن للجميع ان كل ما دوّنته لم يكن اكثر من صرخة سمعتها وحيدا / لست مهووسا بتعاليم الظل ولا نبوءات لم تدون في اللوح المحفوظ. إنني اشير فقط الى سديم احاول منه الوصول الى ألسنتكم التي تركتموها خلفكم في الجنة / لا ادعو احدا الى الحلم و التفكير في الرأس الوحيد الذي لا حقّ لكم في امتلاك افكاره /لا تجهدوا انفسكم فكثيرا مما ترون هو ظل لعظام ميتة تتحرك الان بينكم /
...............
جحيم بحجم وردة النسيان
لم يحصل لي أن اكتب عنك انت / الشعر عدوي الاول حين تكون انت الاختيار/
ثمة عالم وقمر وازهار وبحر وسراب ومطر وغيرها كل ذلك دونه الاخر فما بقي لي من جديد / ربما اللامبالاة او هذا الثوب الذي ارتديه وهو من براعة اناملك / كلا ان ما ادونه الان لا يفصل بين صيف وشتاء ولا بين مطر وحلم/ اريد شيئا آخر مثلا غابة اعد عدد اشجارها واغصانها / اعشاش بلابل في ارض محمية لا حق لأحد الوصول اليها / ضباب في اول انكساراته وهو يعانق الفجر/
جحيم آخر بلون عينيك
في احشائي تعيش زهرة التولب
ربما لو حضر
Walt Whitman
لكتب معي حقيقة ما صنعته القصيدة في اصابعه
انا هنا تحت سلم المطر
لا حاجة لي بحفنة الرماد
ولا ارصفة الغرقى بأحلام الغرباء
انني اترقب فقط نهارا بلا قراصنة
وهواء نقيا بلا صدمات
اشياء جميلة كجثة فاسدة
لست صديقا لأحد ولا عدوا كذلك / اعرف فقط انني نجمة لا يراها احد ولا ترى نفسها / هناك في سماء الفكرة تسقط لغتنا كجثة فاسدة / كل الذين رتبوا اعمارهم في شجرة الميلاد نسوا ان يعلقو جثث اصدقائهم /
..........................................................................
* حسن مطلك: أديب عراقي، من أعماله المعروفة (دابادا).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
**نشرت في صحيفة (القدس العربي) لندن، بتاريخ 10/1/2011م.
***مهدي النفري: شاعر ومترجم عراقي يعيش في هولندا. nuffari@yahoo.com
من رسوم مهدي النفري
الجمرة فوق جناحي الفراشة أتذكر جيدا في يوم ما سيأتي بأني كنت اراهن كثيرا على الماضي السحيق الذي لم يصل اليه احد / نعم انني ما زلت الشاهد الوحيد على ارجوانية الماء وقدح الفراغ وهو يمتلىء بكل اليقين / لست شيخا او حكيما كل ما اعرفه أنني طفل.
نعم ما زلت طفلا افكر كثيرا في كتابة اسمي بل اجزم انني ارسمه لاني لا اجيد الكتابه بين اربعة جدران وربما اكثر العدد، او قل ما اعرفه جيدا أن الارقام تعني لي اشواكاً زرعها الغير وعليّ جني الثمر / ولأنني اول حرف نطقته وأول همهمة خرجت بين شفتي (السؤال).
قال لي ابي (أرى ... ترى ... لا ترى ... الرؤيا...) وهو يهديني الهدية الاولى والاخيرة في حياتي حتى انه لم يشتر قط اي هدية في حياته لأحد لكنه فعلها معي ربما لأنني سيىء الحظ لدرجة أنني كلما رفعت رأسي لأرى هدب عيني وجدته ينفر مني بعيدا جدا ابعد من بصيرتي لي / اركنت هدية ابي الى قلبي. امسكت بالنبض ورزمت حلما طويلا فضفاضا كثوب يشبه الابدية وغموضها /
ما من مكان آمن لهذا المطر
ولا لتلك الشمعة وهي تجري خلف فراشة ميتة
كنت ارى الباب يقتطف منا حناجرنا / رأيتُ صمت امي وهو يصرخ من عباءتها
رأيت اغصان العزلة تشد اجنحة العصافير إليها
لكن لم اكتف بسقم اللغة ولا حتى اثر خطواتي وهي تنشد الافق موسما لها كالربيع
-2-
....................................................
نبوءات لم تدخل في اللوح المحفوظ
هناك كل شيء غامض
كل شيء واضح فقط للضرير
كل مرة اعانق الصباح
احتضنه مفلسا بعد صراع لم افكر في انهائه مع الليل
مهمتي انتهت
اعلن للجميع ان كل ما دوّنته لم يكن اكثر من صرخة سمعتها وحيدا / لست مهووسا بتعاليم الظل ولا نبوءات لم تدون في اللوح المحفوظ. إنني اشير فقط الى سديم احاول منه الوصول الى ألسنتكم التي تركتموها خلفكم في الجنة / لا ادعو احدا الى الحلم و التفكير في الرأس الوحيد الذي لا حقّ لكم في امتلاك افكاره /لا تجهدوا انفسكم فكثيرا مما ترون هو ظل لعظام ميتة تتحرك الان بينكم /
...............
جحيم بحجم وردة النسيان
لم يحصل لي أن اكتب عنك انت / الشعر عدوي الاول حين تكون انت الاختيار/
ثمة عالم وقمر وازهار وبحر وسراب ومطر وغيرها كل ذلك دونه الاخر فما بقي لي من جديد / ربما اللامبالاة او هذا الثوب الذي ارتديه وهو من براعة اناملك / كلا ان ما ادونه الان لا يفصل بين صيف وشتاء ولا بين مطر وحلم/ اريد شيئا آخر مثلا غابة اعد عدد اشجارها واغصانها / اعشاش بلابل في ارض محمية لا حق لأحد الوصول اليها / ضباب في اول انكساراته وهو يعانق الفجر/
جحيم آخر بلون عينيك
في احشائي تعيش زهرة التولب
ربما لو حضر
Walt Whitman
لكتب معي حقيقة ما صنعته القصيدة في اصابعه
انا هنا تحت سلم المطر
لا حاجة لي بحفنة الرماد
ولا ارصفة الغرقى بأحلام الغرباء
انني اترقب فقط نهارا بلا قراصنة
وهواء نقيا بلا صدمات
اشياء جميلة كجثة فاسدة
لست صديقا لأحد ولا عدوا كذلك / اعرف فقط انني نجمة لا يراها احد ولا ترى نفسها / هناك في سماء الفكرة تسقط لغتنا كجثة فاسدة / كل الذين رتبوا اعمارهم في شجرة الميلاد نسوا ان يعلقو جثث اصدقائهم /
..........................................................................
* حسن مطلك: أديب عراقي، من أعماله المعروفة (دابادا).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
**نشرت في صحيفة (القدس العربي) لندن، بتاريخ 10/1/2011م.
***مهدي النفري: شاعر ومترجم عراقي يعيش في هولندا. nuffari@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق