21‏/10‏/2012

حُب الروائي حسن مطلك / علي وجيه

«ظِلالهن على الأرض»
حُب الروائي المعدوم شنقاً
علي وجيه – بغداد
ضمن مشروع إعادة نشر تراث الروائي والقاص العراقي حسن مطلك (1961-1990) صدر عن دار العربية للعلوم ناشرون كتابه الذي يرى النور لأول مرة (كتاب الحب – ظلالُهن على الأرض)، وضمن عنوان فرعيّ (كتابة حرة / مذكرات).
الكتاب الذي يمتد على125 صفحة من القطع المتوسط ضمّ توزع على قسمين، الأول منهما (ظل الباشق على الأرض) فيما حمل الثاني عنوان (ظل القمر على الأرض).
قدّم للكتاب د.محسن الرملي بكلمة وضّح فيها تجارب مطلك العاطفية الرئيسيّة، ومفاتيح فهم نصوص الكتاب، حيث أشار إلى أنّ هذا الكتاب يشهد:"أنواعاً من حالات ومفردات ولحظات الحب، شوق، لهفة، انتظار، مواعيد لقاءات، قوة، ضعف..إلخ من مزيج مشاعر انسانية يعبر عنها الكاتب بشكل بالغ الدقة والجمال، وهذه من بين الدوافع التي حدت بنا إلى اقتحام خصوصياته ونشرها، اضافةً إلى كون: أنّ حسن مطلك قد صاغ شخصياته الأدبية عن طريق استيحائها من شخصيات حقيقة عاش وتفاع معها، وكان يوظف العديد من مقاطع يومياته في نصوصه".
ويضيف الرملي (القاص المقيم في إسبانيا وشقيق مطلك): "هذا التوظيف كما في روايتيه المعروفتين (دابادا) و(قوة الضحك في أورا) وشخصيات العديد من قصصه القصيرة، وقد أشار هو إلى ذلك في أكثر من موضع، الأمر الذي سينفع الباحثين والدارسين والمتتبعين لأدبه وسيرته ويعينهم على استيضاح المزيد عن شخصياته وأبعادها ومن ثم طبيعة أسلوبه في التوظيف الأدبي للمعطيات الشخصية الواقعية".
على الرغم من صفة (كتابة حرة) التي تحيط بالكتاب، لكنّ السرد يبدو واضحاً وبشدّة، على طريقة مذكّرات، أو بوصفه (مادّة أوليّة) لمشاريع سرديّة أخرى كما أشار الرملي إلى رسالةٍ شخصية وجهها مطلك لصديقه و حوّط بعضا من مقاطعها للإستفادة منها بقصة قصيرة أو عمل سرديّ آخر.
من أجواء الحب التي عاشها مطلك، كتب:

"أراكِ أحياناً قليلة الصبر، وأعرفُ أنّ ما بكِ من الحب يجعلكِ أقل صبراً..وأنا أكون أحياناً قليل الصبر بسبب ما أحمل من حب لكِ. أطلبُ أن تفكري ببعض التضحية في لحظة الضيق. قليل مني وقليل منكِ، نصبّرُ بعضنا، نواسي بعضنا، نشجع بعضنا، نقوّي بعضنا. هل لاحظتِ أننا صرنا نشتكي أكثر مما نحبّ؟!".

ومن نصوص الكتاب أيضاً:

"نفس المساء. السبت. يصلح للبكاء.
لو هدأتُ قليلاً لأخذتني الفكرة إلى نفسي.
إنني أتجنب هذا الصدام منذ زمن، حسبتُ أني نسيتُ فكرة العدم وأورام الضمير ولحظات المواجهة. قررت أن أستيقظ فالوقت قصير، وقد ذهب الجميع إلى النوم. إنني أتعرض لمؤامرة كبيرة تحت خدعة التطمين، وأنا منكس الرأس بين الأثاث. سأخوض بعد أيام قليلة معركة التأمل، عندها، أعرف أنني لن أرحم نفسي. سأجهّز السلاح الكافي من الكلمات لصد هجوم الأفكار، أو احتواء هذا الهجوم.
يجب أن أنتزع قميص الراحة، وأضع نفسي في حرارة التجربة، فلم أعد أحتمل هذا الهدوء".

ومطلك المولود في الشرقاط يعد واحداً من أهم الأصوات الأدبية الحداثية في ثمانينيات القرن الماضي، أصدر مجموعة من المؤلفات أهمّها (دابادا، قوة الضحك في أورا، أقنعة..أنا وأنتِ والبلاد، العين إلى الداخل) وهذا الكتاب، أعدم شنقاً عام 1990 لاشتراكه في محاولة لقلب نظام الحكم.
---------------------------------
*نشر في صحيفة (العالم) العراقية، العدد 679 بتاريخ 15/10/2012م

ليست هناك تعليقات: