26‏/09‏/2009

عرض لـ(كتاب الحب) / في: جسد الثقافة

كتاب الحب

ـ ظلالهن على الأرض ـ

مذكرات حرة لحسن مطلك


صادر عن الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت 2009 في 125ص

بقلم: زهرة نهرية

يحتوي الكتاب تجربتا حب رئيسيتين خاضهما الكاتب وأثرت في حياته وفي نتاجه الكتابي، وينقسم الكتاب إلى قسمين الأول تحت عنوان ظل الباشق على الأرض وهو الجزء الذي تحدث فيه عن تجربة الحب الفاشلة لزميلة له في الدراسة تسمى بميسلون والتي استمد من علاقته بها شخصياته وأبرزهن (عزيزة) في روايته ( دابادا) وكان مطلك يكتب عنها تحت رمز ( م ) والقسم الثاني يحمل عنوان ظل القمر على الأرض وقد كتب فيه عن تجربة حبه الثانية والتي كانت لهدى المعلمة التي عمل معها في إحدى المدارس في قرية صغيرة تعرف بـ (الزرارية).الملاحظ على (ظل الباشق..) والموجه إلى الحبيبة الأولى لغة بالغة الحزن ربما لأن تلك التجربة لم يكتب لها النجاح فقد تزوجت ميسلون صديقه الحميم ثابت بعد فشل تلك العلاقة والباشق كما يقول مقدم الكتاب؛ يشير إلى التحويم ومحاولة الإنقضاض ويبدو أن ذلك إشارة واضحة إلى عدم استقرار تلك العلاقة والتي أثرت في حسن مطلك وكان لها أثراً في كتاباته. أما (ظل القمر..) فهو مرحلة السلام والطمأنينة، رسائل بالغة الرقة والحنان، تلك التي كتبت لهدى إنها نهر من الإنتظار والشوق واللهفة والغيرة، عذوبة خالصة في الوصف وبأرق الألفاظ كتب مطلك يصف الحبيبة:
" كنتُ أندهش في كل لحظة تسقط عيناكِ عليّ".
"إنها ترتاح لأنني اريد لها أن ترتاح
لا تفسير لهذه الحالة "
"أسمع القلب يعصر نفسه
.. أسمعه يقفز إلى الجانب الأيمن ..
يهرب إليها والكلام لا يكفي
لأنك ِ فوق كل ما يقال،
بيضاء كالطحين ،
بيضاء كالسماء القائضة وقت الظهيرة،
بيضاء كحبات اللؤلؤ، بيضاء كأسنان الطفل،
بيضاء كضوء العينين لحظة الشوق..
تكونين ذهبية أحيانا ً،
ليس بلون الذهب،
تكونين برتقالية أحيانا ،
ليس بلون البرتقال
.. تكونين لونا لا أعرفه،
(بنزرقي!) أو حشيشي !
بلون التسلل إلى الضفة المقابلة ليلاً،
.. بلون الجنّة.
مشتهاة كالصحراء للبرق
للبرق البرق البرق..
لا أدري.. أتمنى لو أموت في لحظة القبلة
أو في لحظة العناق
إنه جزء صغير من إعترافي".
هذه الأنثى التي عرفها حسن مطلك قلبت موازيين الكثير من الأمور في حياته، يكفي أنه كتب لها:
"سأكون أفضل لأنك ِ حبيبتي،
سأحارب كل الناس لأجلك ،
سأكون جميلاً ومهذباً لأنك حبيبتي،
إنكِ تمنحيني الحياة كما يمنح الثقب للعصفور فكرة بناء العش".


الله!

لم يكن مطلك يعرف حالة وسطية في علاقته مع المحبوبة فهو يعترف أنه يتحول إلى مجنون في الحب، ولا أظن أن أي رجل الآن لديه جرأة بمثل هذه الإعترافات، الإعتراف بجنون الحب، هذا الجنون اللذيذ إن كان كجنون مطلك بهدى، تلك المرأة التي كتب لها أنه كان يعتقد أنه ميت المشاعر لكنه الآن يرتجف وقت اللقاء ويرتجف حين يكتب لها ويقول: أنا الرجل أبكي الآن.
كما أن تلك الأنثى جعلته يبرز رأيه المناصر للمرأة ويكفي أنه قال بأنه: يشعر بالذنب لكل خطايا الرجال ضد المرأة على مدار التاريخ الإنساني. (أنا مذنب لأنني رجل) موقف تتضح فيه عظمة هذا الإنسان وهذا التجلي لا شك لم يكن فقط صنعة الحب ولكن لأن مطلك كان متفرداً، كان شخصاً متميزاً مختلفاً وكان هو نفسه يشعر بأنه كذلك منذ طفولته، وأنا كقارئة شعرت بذلك بعد قراءتي لهذا الكتاب
يحتوي الكتاب أيضاً على بعض رسائل هدى لمطلك، وهي رسائلها التي كتبتها بعد أن انتقلت إلى مكان آخر، أسلوبها طفولي نوعا ما، ويبدو أن في هذه الفترة قد بهتت تلك العلاقة بسبب وقوف الكثيرين ضدها، كما يحتوي الكتاب (قصة عادية) وهي رسالة كتبها مطلك إلى أحد أصدقاءه يغلب عليها طابع الحدة ويشرح فيها الضغوط التي يواجهها بسبب علاقته مع هدى.
الكتاب مفعم بكلمات الحب للكتابة، للأدب وللأنثى التي أحبها. ولا يمكنك أن تخرج منه إلا باحترام شديد لهذا الكاتب الذي لم يمهله القدر طويلاً فقُتل بقرار من الرئيس السابق صدام حسين وهو لم يكمل التاسعة والعشرين من العمر على إثر محاول إنقلابية قام بها هو ومجموعة من الضباط، فتم إعدامه عام 1990 .
------------------------------------
*نشر في موقع (جسد الثقافة) بتاريخ 6/9/2009م.

ليست هناك تعليقات: